خطر المجاعة يخيم على 14 منطقة في السودان
تقرير :رحمة عبدالمنعم
بعد مرور نحو أكثر من عام على حرب الخامس عشر من أبريل 2023 بين الجيش ومليشيات الدعم السريع ،يواجه الشعب السودان خطر المجاعة الذي بدأ يلوح في الأفق ،حيث قالت وكالات تابعة للامم المتحدة إن السودان يواجه خطر مجاعة وشيكاً،وكشفت عن أن نحو 755ألفا يواجهون أحد أسوأ مستويات الجوع ،في حين يعاني 8.5مليون نسمة او نحو 18 بالمئة من السكان نقصا في الغذاء
أزمة جوع
وحذر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد دولي لمراقبة الجوع، الخميس، من خطر المجاعة في 14 منطقة في أنحاء السودان إذا تصاعدت الحرب أكثر بين طرفي الصراع هناك.
ويعني هذا التقييم أن ثمة فرصة حقيقة بحدوث مجاعة في ظل أسوأ تصورات لتطور الأوضاع في تلك المناطق التي تشمل أجزاء من دارفور والخرطوم وكردفان وولاية الجزيرة.
وكشف التقرير عن أن نحو 755 ألفا في السودان يواجهون أحد أسوأ مستويات الجوع، في حين يعاني 8.5 مليون نسمة أو نحو 18 في المئة من السكان نقصا في الغذاء قد يسفر عن سوء تغذية حاد أو يتطلب استراتيجيات تعامل طارئة.
وتتنامى الأزمة الإنسانية في السودان، فيما يستمر القتال الذي أسفر عن إحدى “أسوأ الأزمات التي عرفها العالم منذ عقود”، بحسب ما تؤكد منظمة أطباء بلا حدود.
كذلك، سجل السودان قرابة عشرة ملايين نازح ومهجر داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة. ودمرت إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد التي بات سكانها مهددين بالمجاعة
المعونة الأمريكية :
ونقلت وكالة المعونة الأمريكية عن خبراء في الأمم المتحدة قولهم: أن طرفي النزاع في السودان يستخدمان التجويع سلاحا في الحرب، متّهمين حكومات أجنبية تقدّم لهما الدعم العسكري بـ”التواطؤ” في ارتكاب جرائم حرب.
وأشار 4 خبراء حقوقيين مستقلين لدى الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 25 مليون مدني يعانون من الجوع ويحتاجون إلى المساعدات بشكل عاجل، وسط تحذيرات من مجاعة محدقة،وقال الخبراء، وبينهم المقرر الخاص المعني بالحق في الوصول إلى الغذاء، إن “كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع يستخدم الغذاء سلاحا لتجويع المدنيين”.
وطالبوا في بيان الطرفين بـ”التوقف عن منع المساعدات الإنسانية ونهبها واستغلالها”.
وأضافوا أن الجهود المحلية للاستجابة للأزمة لا يعرقلها العنف غير المسبوق فحسب، بل كذلك الهجمات المستهدفة ضد عناصر الإغاثة،وقالوا إن “الاستهداف المتعمّد للعاملين في المجال الإنساني والمتطوعين المحليين قوّض عمليات الإغاثة، ما يضع ملايين الناس في خطر إضافي أن يعانوا المجاعة”
كما قال برنامج الغذاء العالمي إنه يتلقى تقارير عن أشخاص يموتون جوعا في السودان بسبب الحرب، وإن نسبة من يستطيعون تأمين وجبة غذاء كاملة يوميا لا تتجاوز 5% من السكان، فيما حذرت منظمة اليونيسيف من خطر تعرض أكثر من 700 ألف طفل سوداني لما سمته “أخطر صور سوء التغذية هذا العام”.
الأمم المتحدة
وشدّد بيان مشترك صادر عن مسؤولين بالأمم المتحدة منهم المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، على أن نحو 18 مليون شخص يعانون بالفعل من الجوع الحاد، بما في ذلك 3.6 ملايين طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.
وقال البيان: “الوقت ينفد أمام ملايين الأشخاص في السودان الذين يواجهون خطر المجاعة الوشيك ونزحوا من أراضيهم ويعيشون تحت القصف وانقطعت عنهم المساعدات الإنسانية”
وجاء في البيان الذي وقعه أيضًا مسؤول المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث: “دون تغيير فوري وكبير، سنواجه وضعًا كابوسيًا. مجاعة ستنتشر في أجزاء كبيرة من البلاد”
وفي مؤتمر صحفي بجنيف، قال متحدث مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يانس لاركيه، إن المجاعة في السودان من المرجح أن تترسخ في أجزاء كبيرة من البلاد، حيث سيفرُّ المزيد من الناس إلى البلدان المجاورة، وسيتعرض الأطفال للمرض وسوء التغذية، وستواجه النساء والفتيات مزيدا من المعاناة والمخاطر
من جانبه ،قال المبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو، إن ملايين النساء والأطفال السودانيين يواجهون جوعا شديدا يمكن أن يتحول إلى مجاعة كاملة، في ظل الحرب التي تدخل عامها الثاني
وأوضح بيرييلو – في منشور على حسابه بمنصة إكس- أن ما سماها الكارثة الإنسانية تتفاقم في دارفور الكبرى وكردفان الكبرى وأجزاء من الخرطوم، داعيا كلا من قوات الدعم السريع “لإنهاء حصارها للفاشر” والجيش السوداني إلى “السماح بوصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود والخطوط حتى يتمكن جميع السودانيين من الوصول إلى الغذاء والدواء المنقذ للحياة”.
مجلس الأمن
ويواجه حوالي 18 مليون سوداني خطر المجاعة، أي بزيادة 10 ملايين شخص مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويعاني 730 ألف طفل من سوء التغذية الحاد
وفي وقت سابق ،قالت إيديم وسورنو المسؤولة في الأمم المتحدةأمام مجلس الأمن “من جميع النواحي وحجم الاحتياجات الإنسانية وعدد النازحين والمهددين بالجوع، يشهد السودان إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة”.
واستنكرت وسورنو قائلة “يحدث استهزاء إنساني في السودان، خلف ستار من الإهمال والتقاعس الدولي. وببساطة، نحن نخذل الشعب السوداني”، متحدثة عن “اليأس” الذي يعيشه السكان،وأضافت وسورنو “منذ ذلك الحين، يؤسفني أن أقول إنه لم يتم إحراز تقدم كبير على الأرض”
وقال نائب مدير برنامج الأغذية العالمي كارل سكاو “إذا أردنا الحؤول دون أن يشهد السودان أسوأ أزمة غذائية في العالم، فإن تنسيق الجهود أمر ملح وضروري”، محذرا من انزلاق السودانيين إلى مرحلة المجاعة مع حلول موسم الجفاف.
وذكرت وسورنو إن “شركائنا في المجال الإنساني يتوقعون وفاة حوالي 222 ألف طفل بسبب سوء التغذية خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة” مشيرة إلى خطر وفاة الأطفال الضعفاء بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، في حين أن أكثر من 70% من المرافق الصحية خارجة عن الخدمة
أوضاع مأساوية
ويقول الصحفي محمد يوسف لـــ “الكرامة”،إن شبح المجاعة في السودان بات يلوح في الافق خلال الأشهر المقبلة بعد تحذير المنظمات الأممية والخبراء الحقوقيون،ورغم الاحتياجات الإنسانية المتزايدة لايزال عمال الاغاثة يواجون عوائق منهجية وحرمانا متعمدا من الوصول لطالبي المساعدة من قبل الدعم السريع
ويضيف :المجاعة في السودان متوقعة ما لم يتوقف القتال وتعود الخدمات مثل الرعاية الصحية والمياة النظيفة،والتي يجب أن تكون موجودة لدرء سوء التغذية
ويتابع :إن ملايين السودانيبن يعيشون الآن في حالة من انعدام الأمن الغذائي الحاد ،وان التقارير الدولية كشفت عن احتمال وفاة عشرات الالآف إن لم يكن مئات الالاف في الأشهر القادمة
ويقول يوسف: أن “الأزمات الإنسانية في السودان لا تزال قائمة مع استمرار الحرب ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلا بشكل محدود جدًا، والنقص الشديد في مقومات الحياة الأساسية، وعدم توفر السيولة النقدية بسبب توقف رواتب القطاعي الخاص والعام “.
ويمضي :وفي ظل عدم وجود فرص عمل وانعدام مصادر الدخل، يجد السكان في السودان أنفسهم عالقين في ظروف معيشية قاسية، حيث تشكل الحياة تحديًا يوميًا، يتطلع فيه السودانيين إلى انتهاء الحرب كمخرج لهذه الأوضاع المأساوية،وفق قوله.