السودان و تشاد .. معركة دبلوماسية
- ماهي دواعي الابقاء على التمثيل الدبلوماسي في ظل الاتهامات المتبادلة..
- ملف العلاقات الخارجية بحاجة للمزيد من المراجعة..
- الإستدعاء بغرض تقييم مدى إيفاء إنجمينا بملاحظات سودانية حول الحدود.
الكرامة: هبة محمود
أبواب من التكنهات فتحت على مصرعيها جراء إستدعاء الخارجية السودانية، لسفير السودان في تشاد، عثمان محمد يونس، للتشاور، في وقت تبلغ فيه العلاقات بين البلدين ذروتها من التوتر، عقب إتهام الحكومة السودانية، تشاد بدعم مليشيا الدعم السريع وتخصيصها مطاري أم جرس وأبشي لإستقبال الرحلات الجوية لنقل الأسلحة والعتاد العسكري القادم من دولة الإمارات.
تساؤلات كثيرة حول ماهية التشاور، وفي ماذا ولماذا، وفي أذهان الكثيرين يدور التساؤل الأهم حول دواعي الابقاء على التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، في ظل الاتهامات المتبادلة.
تجاهل تشاد
تعقيدات كثيرة أو ربما هي تقديرات دبلوماسية حكومية، أدت إلى إستمرار التمثيل الدبلوماسي بين السودان وتشاد في ظل إحتدام الخلاف والتوتر بسبب مليشيا الجنجويد.
ففيما يرى كثير من المراقبين أن ملف العلاقات الخارجية والتمثيل الدبلوماسي بحاجة للمزيد من المراجعة، سيما فيما يتعلق بتورط دولتي تشاد والامارات للتمرد في حربه ضد الجيش، المرصود بالاحصائيات و الارقام، كشفت مصادر دبلوماسية عن أن الإستدعاء تم بغرض مناقشة خطوات وإيفاء النظام في إنجمينا بملاحظات سودانية بشأن ضبط الحدود.
وبحسب مصدر دبلوماسي لـ “سودان تربيون” الخميس، فإن السودان سبق وسلم الحكومة التشادية رسمياً ملاحظات دقيقة حول ضبط الحدود.
وقال المصدر أن السلطات التشادية لم تعلق أو ترد على تلك الملاحظات ما يستوجب إستدعاء السفير لمناقشة تلك التطورات.
وتابع: “لم تجد ملاحظات السودان آذان صاغية ولم تقم تشاد بضبط الحدود، رغم تكرار تلك الملاحظات التي قدمناها بالطرق الدبلوماسية، تجاهلتها لذلك تم إستدعاء السفير”.
تبادل إتهامات
ومع إصرار تشاد تجاهل الملاحظات السودانية، وتلك الاتهامات بين البلدين يرى مختصون أن الخارجية السودانية، تتعامل حيال ملفات وقضايا مصيرية مع دول دعمت التمرد، ببطء شديد دون إتجاه لاتخاذ أي قرار حاسم، وقطع للتمثيل الدبلوماسي معها.
ومنذ إندلاع القتال في السودان أبريل من العام الماضي، والإدانات بشأن هذه الدول لم تتوقف، غير أن التمثيل الدبلوماسي ظل مستمراً لإكثر من عام، لتظل هناك حلقة مفقودة.
وكانت أولى الإتهامات المباشرة من قبل مساعد قائد الجيش السوداني “ياسر العطا” عندما شن هجوماً على إنجمبنا، متهما إياها بإيصال إمدادات للدعم السريع، في نوفمبر الماضي، ما جعل الخارجية التشادية تقوم بطرد 4 دبلوماسيين سودانيين من أراضيها وتعلن بأنهم أشخاص غير مرغوب فيهم.
وقالت الرئاسة التشادية إن هذا الإجراء جاء عقب تصريحات “لا أساس لها من الصحة” أدلى بها الفريق أول ياسر العطا، إتهم فيها تشاد بالتدخل في الصراع السوداني الداخلي، لتقوم الخارجية السودانية بخطوة مماثلة، وذلك عندما أبلغت نظيرتها التشادية، بعدم رغبتها في وجود 3 دبلوماسيين في سفارتها لدى السودان، ومنحتهم مهلة لمدة 72 ساعة من أجل مغادرة الأراضي السودانية.
ضعف إرادة
وبحسب مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى ل (الكرامة) فان ثمة ضعف ارادة في التوجهات الخارجية للممسكين بالملف الخارجي، مؤكدا في افادات مقتضبة، انه من الأفضل للخارجية السودانية أن تعمل وفق مؤسسية حتى تكون المواقف افضل مما هي عليه الان.
وفي ذات السياق تؤكد مصادر ل “الكرامة” وجود تقاطعات في العلاقات السودانية التشادية والإماراتية، ما يجعل الدولتين رغم التنديد المباشر من الخارجية السودانية تحتفظان بالعلاقات والتمثيل الدبلوماسي والاكتفاء بالدفاع عن نفسيهما.
وترى المصادر أن هذه التقاطعات تجعل الخارجية عاجزة عن القيام بدورها على أكمل وجه، وتضعها في ذات الوقت في مواجهة الشعب السوداني، الذي يراقب ما يجري من تناقضات واضحة.
إستدعاء مفاجئ
والخميس إستدعت وزارة الخارجية السودانية، بشكل مفاجئ سفير السودان لدى تشاد، عثمان محمد يونس، إلى مقر الوزارة ببورتسودان للتشاور .
ويعد السفير يونس أحد خمسة ضباط شرطة وجيش متقاعدين، تم تعيينهم من قبل قائد الجيش عبد الفتاح البرهان سفراء في وزارة الخارجية، في يوليو من العام 2022.
وبلغت العلاقات بين السودان وتشاد ذروتها من التوتر بسبب مساعدة تشاد مليشيا الدعم السريع، في الحرب ضد الجيش، في وقت تواجه فيه الخارجية السودانية إنتقادات بسبب ضعف وبطء في الأداء حيال تعاطيها مع الملفات الهامة، فيما يواجه بعض سفراءها إنتقادات في الأداء.
ويطالب كثير من السودانيين على مختلف المستويات بضرورة قطع التمثيل الدبلوماسي مع تشاد وسحب السفير السوداني، وفيما ذهبت توقعات الكثيرين أن إستدعاء السفير يونس من الممكن أن يعقبه إنهاء للتمثيل، إلا أن مصادر حكومية كشفت عن عودته قريبا إلى تشاد لمواصلة عمله.
تحييد دبلوماسي
في مقابل ذلك يرى الصحفي والكاتب السياسي و المختص في قضايا القرن الافريقي، عمار عركي، إن إستدعاء السفير السوداني بشاد للتشاور، أمر يحمل الجانب الايجابي والسلبي معا.
مؤكدا لدى إفادته ل “الكرامة” على أن أي إستدعاء لسفير ما للتشاور، يكون لإمر إيجابي في العلاقة بين البلدين، وليس في إطار التعديات أو إطار التوقيف.
وعلى الرغم مما كشفت عنه مصادر “سودان تربيون” من ان الاستدعاء بشأن تجاهل إنجمينا ملاحظات السودان حول الحدود، الإ أن عركي يرى خلاف ذلك.
ويذهب في حديثه إلى أن الأمر في رمته يحمل شيئا إيجابيا، يتعلق بقرار تريد أن تتخذه الحكومة أو بمنصب السفير نفسه بحد تعبيره.
مستنداً في تحليله على ما إعتبرها شواهد سابقة، وهي محاولات تهدئة من التشاديين أنفسهم، متوقعا أن يحدث الإستدعاء إختراقا في العلاقة في الإطار الدبلوماسي.
وحول الأصوات الشعبية والسياسية المنادية بطرد كلا من السفيرين الإماراتي و التشادي من السودان، يذهب عركي في حديثه ل الكرامة أن الخارجية السودانية تخوض معركة دبلوماسية، وهي العمل على تحييد تشاد في ظل مساعي إستخبارتية لإيقاف الحرب من خلال العمل الدبلوماسي.
وقال “نحن إنتصرنا دبلوماسيا على الإمارات وتشاد، والان نحن في مرحلة التفاوض في التسليم الدبلوماسي.
وتابع: بقاء السفير الإماراتي له كثير من النواحي الإيجابية في إطار الحل الدبلوماسي الذي لا ينفك من الحل العسكري، وبقاء يعتبر هو الحلقة الاخيرة
وزاد: الإبقاء على السفير الإماراتي أو التشادي واحدة من واحدة المعركة الدبلوماسية والعمل على التحييد لإنهاء الحرب.