مآسي السودانيين الباحثين عن أوضاع قانونية في مصر
الكرامة:هبة محمود
على سوح المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بمدينة السادس من أكتوبر، بالقاهرة، تمتد صفوف المئات من اللاجئين السودانيين، الباحثين عن حماية قانونية، بعد أن ضاقت بهم أراضيهم، جراء استمرار القتال بالسودان.
صور مأساوية وروايات محزنة، يحتضنها المكان الذي يضج
بالسودانيين وغيرهم من جنسيات اخرى ، غير ان الغلبة للجنسية السودانية من حيث العدد، فتجد ان أكثر ما يعتصر قلبك، هو مشاهد لكبار السن والمعاقين والأطفال وغيرهم، ممن أعياهم انتظار الساعات الطوال التي قد تصل احيانا للمبيت، ظفرا بموعد، او مقابلة لاستلام (الكرت)، مع دعوات لتدخل الخارجية السودانية بالتعاون مع الخارجية المصرية والمفوضية، لإيجاد وسائل للتعجيل والتنظيم والتسريع .
تفاصيل ممزوجة بالتعب المضني واللعنات حول “من كان السبب”، وحكايات عن اعزة قوم اذلتهم الحرب، بعد ان اغتصب الجنجويد حصاد عمرهم، في مشاهد وقفت عليها “الكرامة” وألسنة لم تزل تلهج بالدعوات للعودة القريبة لأرض الوطن.
اصطدام
على أبواب المفوضية تصطدم الأمنيات وتتحطم الأحلام، تارة بالعلم ان اقصى ما تقدمه هو الحماية دون أموال او معونات، واخرى بأن أقرب موعد للحماية القانونية، وذلك باستلام الكرت الأصفر، يمتد لاشهر تصل إلى أربعة وخمسة واحيانا ستة أشهر وأكثر، ما يجعل جل طارقي أبوابها، يحرصون في حلهم وترحالهم قبيل استلام الكرت، على عدم التجوال في القاهرة لحين تقنين الأوضاع قانونيا.
تساؤلات تترى هنا وهناك حول ما الذي تقدمه المفوضية غير الحماية القانونية، الجميع ينشد المساعدة نتيجة الأوضاع التي خلفتها الحرب في السودان، فيما يبحث البعض عن تقنين الأوضاع قانونيا فقط، قبل أن يتجول موظفون تابعون للمفوضية بين اللاجئين، يقومون بتوزيع أوراق تعريفية لبعض المنظمات التي يمكن أن تقدم مساعدات عينية ومادية واخرى متعلقة بالتعليم والصحة.
وبحسب بعض الذين تحدثت اليهم “الكرامة” فان المفوضية كانت تقوم حتى شهر ديسمبر الماضي بتقديم دعم مادي ضعيف بشكل شهري او شهر بعد آخر، قبل أن توقفه لتزايد الإعداد الكبيرة من اللاجئين.
نصب واحتيال
وفيما ينتظر كثير من اللاجئين أشهر لاستلام كرت الحماية او ايام لأخذ موعد، يشتكون في المقابل من عدم رد هواتف المفوضية السامية لشئون اللاجئين لاخد الموعد، ما يجعلهم يقصدون مقرها بإعداد كبيرة تسبب حالة الزحام الرهيب.
وقد رصدت “الكرامة” حالات لاغماء بسبب الحر والتكدس الكبير من الحشود، فيما تعالت أصوات التذمر من قبل المرضى وكبار السن.
ويري مراقبون ضرورة تدخل الخارجية السودانية والتعاون مع الخارجية المصرية لمخاطبة المفوضية لإيجاد حلول في فك حالة الزحام، بتوسيع منافذ الموظفين لتسريع عمليات النظر في طلبات اللاجئين، بدل من التكدس خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة.
هذا من جانب، اما من جهة أخرى فقد أسفر التأخر في النظر في الطلبات المقدمة للمفوضية وتأخير تسليم الكرت الأصفر، إلى ازدياد حالات النصب، وظهور تجارة من نوع آخر وهي تجارة التسجيل للمفوضية عبر وسيط، بمبالغ محددة تصل من مبلغ 500 جنيه مصري إلى الف ويزيد. وعلى الرغم من رواج هذه التجارة منذ إرتفاع معدلات الدخول بالتهريب، الا انه برزت محاولة جديدة للنصب، وهي تسليم ورقة من داخل المفوضية بموعد محدد، ومبلغ محدد، دون أن يقف اللاجئ في الصفوف الطويلة.
شراء صف
وتتوالى ظواهر الاحتيال والبحث عن مصادر دخل من خلال معاناة اللاجئين وهي ظاهرة شراء الصف.
وبحسب المتابعات فقد علمت “الكرامة” بوجود مجموعات شبابية، تأتي من أوقات مبكرة وتقوم بحجز أماكن بين صفوف اللاجئين، بينما تتوزع مجموعات أخرى تابعة لها بين بقية اللاجئين يرصدون حالات التذمر والتعب، فيقومون بعرض بيع الصف مقابل اجر متفق عليه.
ويرى احد موظفي المفوضية خلال تصريحات مقتضبة ل ” الكرامة ” ان اعداد طالبي اللجوء كبيرة للغاية، مؤكدا انهم كموظفين يعملون باقصى طاقتهم للنظر في الملفات المقدمة.
في مقابل ذلك يرى مراقبون ان تزايد الاعداد لطالبي اللجوء، افرزت الكثير من الظواهر السالبة، فبعيدا عن ظواهر النصب والاحتيال، تنشط حالات السرقة والضرب والنهب بسبب الدافع الكبير.
أوضاع مأساوية
ويأسف كثير من اللاجئين الذين تحدثو ل “الكرامة” على الظروف التي جعلتهم في تلك الأوضاع.
ويرى “احمد عمر” ستيني خلال حديثه ل “الكرامة” ضرورة إيجاد معالجات كما أنه يتوق لوقف الحرب والعودة الى منزله، مؤكدا انه يعاني من أوضاع صعبة ولا يقوى على الانتظار الطويل.
في مقابل ذلك أكدت هنادي الطيب ل “الكرامة” انها في سبيل الحصول على موعد للتسجيل بالمفوضية استغرق الامر منها ما يقارب الاسبوع، مشيرة إلى أن الوضع أكثر من مأساوي.
ورصدت “الكرامة” بالمقابل مخاوف لطالبي لجوء من الإجراءات، التي أعلنت عنها السلطات المصرية لتقنين أوضاع اللاجئين نهاية الشهر الجاري.
واطلقت بالمقابل مجموعات كبيرة عم استفسارات بشأن تقنين الأوضاع، في وقت تحدد فيه المفوضية حوالي 4 أشهر لتسليم الكرت الاصفر.
وينظر كثيرون إلى أن حالات الطمع والجشع التي مارسها اصحاب العقارات في الولايات احد الاسباب التي دفعت بالسودانيين لتقديم اللجوء والتهريب ومواجهة سلسة من العذابات.