قادة المليشيا… اين هم الان؟!

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

بحلول الخامس عشر من يونيو 2024 م، تكون حرب الخامس عشر من أبريل 2023 م قد دخلت شهر الخامس عشر ، حربٌ أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع مسنودة بظهيرها السياسي من قوى إعلان الحرية والتغيير، ومدعومة لوجستياً من دول عديدة فى محيطنا العربي والأفريقي، حيث قضت هذه الحرب على الأخضر واليابس، الأمر الذي أُسقط في يدي الميليشيا المتمردة التي كانت تتوقع أن لا تستغرق هذه الحرب سويعات وتنتهي بوصول قائد ميليشيا الجنجويد محمد حمدان دقلو إلى القصر رئيساً أو أميراً على مملكة السودان، على أن تعود قوى الحرية والتغيير إلى كرسي الحكم المدني محمولة على أكتاف بنادق آل دقلو، ولكن لا يحيق المكر السيء إلا بأهله، وقد خاب من دساها.

ذهاب السكرة:
وبعد أن ذهبت السكرة، واتضحت ملامح الفكرة، كانت المحصلة أن ميليشيا الدعم السريع التي كانت بيدها مقاليد السلطة والجاه، وتبسط سيطرة كاملة على كل المواقع الاستراتيجية والحيوية سواءً بحراستها أو التزامها مقراً لبرامجها وأنشطتها العسكرية والإدارية والاجتماعية، ها هي الميليشيا اليوم تهيم على وجهها تضرب الصحاري والفيافي وتشن غاراتها على القرى والفرقان، وتحتمي من وراء جدر في بيوت ومساكن المواطنين، وقد فقدت البريق وصولجان القصر، فأصبحت منبوذة تلاحقها لعنات أهل السودان جميعاً بمن فيهم من كان يساندها ويدعمها، يأتي ذلك في وقت تتلطخ فيه يدي هذه الميليشيا بدماء المواطنين الأبرياء والعزل، ووجهها بوصمة الإرهاب، وإدانات المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والإنسانية، فما لكم كيف تحكمون.

أفول نجم حميدتي:
انطفأ بريق ميليشيا الدعم السريع اقترن بأفول نجم قائدها محمد حمدان دقلو “حميدتي” الذي كان ملء السمع والبصر والفؤاد من خلال موقعه السيادي كنائب أول لرئيس مجلس السيادة الانتقالي، حيث ظل حميدتي وبموجب هذا المنصب الرفيع، يتمتع بنفوذ وسلطان على الصعيد الداخلي، آمراً وناهياً، حتى ظنّ الكثيرون أن مقاليد حكم البلاد صارت في وقت ما بين يدي آل دقلو، وعلى الصعيد الخارجي كانت طائرة حميدتي تجوب المطارات العالمية طولاً وعرضاً، وتُفرش له السجادة الحمراء، وتُسخر له البروتكولات الرسمية والدبلوماسية، فيُعامل مثل الملوك والرؤساء وقادة الدول.

خارج اللُعبة:
ومنذ الخامس عشر من أبريل 2023 م لحظة أن وسوس شيطان الانفراد بالسلطة في أذن حميدتي وأبدى له ما وُري عنه من سوءاته، أصبح قائد ميليشيا الدعم السريع خارج ميدان اللُعبة، وانخفض صوته تدريجياً حتى صار بلا حراك، ليختفي تماماً عن المشهد وسط إرهاصات وتضارب في الأقوال بشأن مصيره، ومهما يكن من أمر فقد أصبح محمد حمدان دقلو في عداد الأموات، ليس موتاً غيبياً بخروج الروح وفناء الجسد، ولكنه موتٌ حتمي في نفوس الشعب السوداني الذي تأذَّى روحياً ونفسياً وجسدياً جراء الانتهاكات والجرائم التي ظلت ترتكبها ميليشيا الدعم السريع على مدار 15 شهراً حسوما.
ضعف عبد الرحيم:
بغياب قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو عن المشهد، وغياب ساعده الأيمن وصندوق أسراره الأسود اللواء الركن عصام صالح فضيل، آلت مقاليد القيادة الميدانية لأخيه الأكبر ونائبه عبد الرحيم حمدان دقلو والذي لم يُعرف عنه دهاء ولا ذكاء فطري، أو قدرات على القيادة، مثلما أخيه حميدتي، فتراجعت في فترته قبضة الدعم السريع على الصعيد الميداني وعلى مسارح العمليات، ولم يحظى عبد الرحيم دقلو بذات الزخم الذي كان يحظى به سلفه حميدتي، إذ تحفظ ذاكرة هذه الحرب بعض مقاطع الفيديو يتحرك خلالها عبد الرحيم وسط قواته في عدة مناطق، مخاطباً قواته، وموجهاً في الوقت نفسه رسائل للقائد العام للقوات المسلحة، على شاكلة ” بتحاربنا ليه يا برهان؟ ” فصارت هذه الكلمات بمثابة ” تريند ” في وسائل التواصل الاجتماعي، وسرعان ما تحولت إلى سخرية وتهكم، تعكس هوان وضعف وعدم حيلة الرجل، الذي غادر بعدها ميادين القتال في الخرطوم وانزوى في دارفور وسط إشاعات قوية عن إصابته.

عمليات عثمان:
الرجل الثالث في قائمة قيادة ميليشيا الدعم السريع هو اللواء ركن عثمان محمد حامد الشهير بعثمان عمليات، والذي كان منتدباً من القوات المسلحة إلى الدعم السريع، ولكنه لم يَعُد إلى الجيش بعد اندلاع التمرد وظل يعمل في صفوف ميليشيا الدعم السريع لاعتبارات قبلية وعشائرية ومصالح ذاتية وربما لقناعات شخصية، ويعتبر عثمان عمليات من العناصر الفاعلة في التخطيط والتكتيك الميداني لتمتعه بنفوذ متصاعد في رزنامة القيادات الميدانية لميليشيا الدعم السريع، ولكن طبيعة تركيب لميليشيا المتمردة القائمة على الولاءات القبلية خصمت كثيراً من نفوذ عثمان عمليات، الذي يميل إلى الصمت والعمل خلف الكواليس، فقصم ذلك ظهر الرجل الذي تراجع ليجلس في المقاعد الخلفية تاركاً المجال لقيادات الصف الثاني مثل يعقوب جبريل، وكيكل، وقجة، وبرشم وغيرهم ممن حملوا راية القيادة الميدانية لميليشيا الدعم السريع وصاروا يديرون المعارك على طريقة حرب العصابات بالفر والكر، الأمر الذي أفقدهم الكثير من الميزات وجعل القوات المسلحة ومنذ السادس عشر من فبراير 2024 م، تأريخ عملية الاقتران التأريخي الناجح في منطقة المهندسين بأم درمان، تمتلك زمام المبادرة على كافة المسارح والجبهات.

على كلٍّ،، تبدو قصة ميليشيا الدعم السريع في طريقها إلى كتابة النهاية في ظل اختفاء القيادات الرئيسة، والتضارب في تحديد الهدف من إشعال فتيل الحرب ما بين الحفاظ على الديمقراطية ومحاربة الكيزان وفلول النظام السابق، والقضاء على دولة ٥٦، وغيرها من العناوين التي لم تعد مقنعة للرأي العام في ظل النهم الكبير للميليشيا المتمردة في قتل المواطنين وشغفها في إعمال عمليات السلب والنهب والاغتصاب، وممارسة جميع أنواع وصنوف الإره

اقرأ أيضا