(علي الطلاق بالتلاتة)..!
# قبل ايام قليلة اعد الزميل النابه (رحمة عبد المنعم) تقريرا مخدوما لصحيفة (الكرامة) عن ارتفاع نسبة الطلاق.. في الحقيقة استوقفني التقرير ولم يستوقفني حينما قلت لنفسي: (و ايه يعني) ؟ فقد ارتفعت نسبة الموت المجاني وصارت جثث السودانيين من اهم موارد اطعام الكلاب في الشوارع.. ألم تسمعوا: (كلدينق مبارينا يفتش الرمة مرفعين الخلا اكل لامن طما).. و(كلدينق) هذا للذين لا يعرفونه، من انوع الصقور وهو لا يفرّز ما بين الجثث.. سواء كانت عسكرية او بتهتف (مدنياو)..
# جاء في التقرير ان حرب الخامس عشر من ابريل، احدثت شرخاً مجتمعياً يزداد اتساعاً بمرور الزمن، على مستوى الأسر، إذ توسعت ظاهرة الطلاق في السودان بشكل مقلق،مع ارتفاع معدلها بشكل لافت، خصوصاً في عام الحرب، وتشير إحصاءات اجرتها (منظمة لبنة) إلى ارتفاع معدلات الطلاق لتصل إلى 96 الف حالة.. كشفت مصادر قانونية ب(منظمة لبنة للتنمية ودراسات المجتمع) عن ازدياد عدد حالات الطلاق في المجتمع السوداني للعام 2023م بنسبة36٪ مقارنة بالعام الماضي، ووصفت انتشار الظاهرة بأنه “أشبه بالكارثة” وقالت مدير مركز الدراسات الإجتماعية بمنظمة لبنة د.أشراقة محمد،لـ”الكرامة”،إن المنظمة أجرت بحثاً استقصائياً عن حالات الطلاق التي وقعت خلال عام الحرب، ولم تتحصل على معلومات دقيقة نسبةً إلى ان بعض المناطق بها اشتباكات مسلحة، ولكنها تلقت الآلآف من شكاوي الطلاق من نازحين
وأضافت اشراقة: بعد مسح ميداني ولقاءات متعددة مع المعنيين من قضاة وخبراء ومؤسسات غير حكومية، لوحظ ازدياد نسبة الطلاق لدى مختلف الفئات العمرية سواء كان زواجا مبكرا أو قديما، نتيجة عدة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية عرفها السودان في عام الحرب، وتفاقمت معها ظاهرة الطلاق حيث تعرضت الكثير من الأسر للتفكك مما أدّى إلى إلحاق العديد من الأضرار بالمجتمع).
# انا على نحوٍ شخصي.. اختلف مع هذا التقرير الذي وصف الاحداث بالكارثية وهي غير ذلك.. لان بعض التفاصيل التي تسترها حيطان البيوت، تتحدث عن نساء سودانيات مازالت (نفسهن مفتوحة) لاشياء عديدة تؤكد بانهن لم يستفدن من هذه الحرب شيئا.. وبعيدا عن الطلاق.. بل قريبا منه.. انا احيي جهاد الرجل السوداني الذي يجسد لآلاف الحكايات غير المرئية التي ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻠﻰ ﺿﻔﺎﻑ ﻧﻬﺮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ صحيح انها ﺧﺎﺻﺔ ولكن ﻗﺪ ﻧﺠﺪ ﻟﻬﺎ ﺷﺒﻴﻬﺎً ﻓﻲ “ﺣﺘﺎﺕ ﺗﺎﻧﻴﺔ ﻣﺘﻨﺎﺛﺮﺓ ” ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻃﻦ، يكفي ان التقرير اشار الى نسبة 36 % اذن هناك 64 صامدون.. وصمودهم التاريخي هذا.. يقف من خلفه رجل رفض خيار الهروب من جحيم الفواتير المكلفة.. وآثر ﺃﻥ يكون معتقلا في ﺳﺠﻦ ﺍلمرأة السودانية بمطالبهما التي لا تعترف بشيء اسمه (الميزان التجاري) امام ﻤﻄﺎﻟﺐ ﺤﻴﺎﺗﻴﺔ ﻤﻨﻬﻜﺔ ﻭﻤﺨﺎﻭﻑ ﻜﻮﻧﻴﺔ ﻘﺎﺗﻠﺔ، بينما تقابل بعض النساء ذلك الصمود الذكوري ﺑﻔﻘﻪ ﺍﻻﺳﺘﺴﻬﺎﻝ ﺗﺎﺭﺓ.. ﻭﻓﻘﻪ ﺍﻻﺳﺘﻬﺒﺎﻝ ﺗﺎﺭﺓ ﺃﺧﺮﻯ.. انا اعرف الكثيرين الذين رفعوا شعار ان الحياة يجب ان تستمر ببؤسها وكآبتها وطيور الاحباط التي تظلل سماءها، ورغم ما فيهم من كدر وعبوس، لم يعلنوا بعد، عن “ماتش اعتزالهم” للحياة.. عشان الاولاد و(غصبا للظروف والحال الحرن).. لانهم رجال من اصلاب الرجال… يصبِّرون بعضهم ببعض ما يقال عن الثبات: (اركز يا وليد بطل كلام الجرسة).. مطحون الرجل السوداني.. مسحوق.. حياته تضج بالاحزان وغناء الراحلين: (يالعبد الشقي ما اتعود شكي.. لكن الكفاف فوقك منتكي.. والسوق فيك يسوق.. حالاً ما بتسر.. الا كمان في ناس.. فايتاك بالصبر.. ساكنين بالايجار… لا طين لا تمر.. واحدين بالايجار ما لاقين جحر.. سلعتهم الضراع والعرق اليخر).. مطحون عزينا الرجل في زمن السلم والحرب.. وبعض النساء الفارغات في بحور الامنيات (غارقات).. عايزة ايجار في احسن حتة في زمن النزوح.. وعايزة اولادها يقرو انترناشونال في زمن المدارس معطلة.. هذه مدعاة للهروب ولكن مين ينصح ؟ ومين يوعي.. ؟ التحية لنسبة 64 %.. والتحية للذين تفرغوا للانجاب في وسط الخراب واليباب.