قيادات المليشيا.. اختفاء وتساؤلات!!
الكرامة: هبة محمود
بدا من الملاحظ مؤخرا غياب كبير وواضح لقيادات مليشيا الدعم السريع، على مختلف تراتيبيتهم، بدا من حميدتي وحتى النقيب سفيان، خلال الأشهر الماضية، ما جعل التساؤلات تترى حول ذلك الغياب.
فما بين جدلية “الظهور المتقطع بعناية ” لحميدتي و”الغياب الكلي” لعبد الرحيم وبعض القيادات الميدانية البارزة في المليشيا مثل عثمان عمليات، والنقيب سفيان ،(المتمرد على ساسة الجيش الفاسدين) كما يردد ، وغيرهم من قادة الميدان الفاعلين، تنشط بالمقابل قيادات تتولى الان الحديث عن مليشيا الدعم السريع، مثل (كيكل وقجة وابرهيم بقال، فيما يدافع عن نشاط المليشيا سياسيا مجموعة من المستشارين.
وبينما يعزي بعض المراقبين تلك الطريقة في الظهور الاختفاء إلى تكتيكات سياسية للمليشيا، تربط مجموعات كبيرة الامر بالعقوبات الأمريكية.. فما هي اصل الحكاية؟
الاطار السياسي.
عقب نشاط دولي وإقليمي محموم كان آخره زيارة إلى الجماهيرية العربية الليبية أواخر فبراير الماضي؛ توقف ظهور قائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، في حراكه الإقليمي والدولي، مكتفيا بالنشاط الاسفيري من تغريدات وبيانات متعلقة بالمناسبات.
وربط مراقبون في الشأن السوداني تلك التحركات بملف المفاوضات، ومحاولته التحرك في الاطار السياسي، غير ان البعض يرى مخاوف للرجل من إدراجه ضمن قائمة العقوبات الأمريكية وذلك بعد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على شقيقه عبد الرحيم في سبتمبر الماضي.
ويرى استاذ العلوم السياسية الطيب محمد ان ثمة معطيات مجتمعة تجعل حميدتي وبعض قيادات الدعم السريع، يختفون بتلك الطريقة بعد أن كانو يملأون الدنيا ضجيجا، على رأسها مخاوف العقوبات الأمريكية وملف المحكمة الجنائية و التقديرات الأمنية والسيطرة على القوات نفسها.
ويذهب الطيب خلال افادته ل الكرامة، إلى أن كل تلك الأمور مجتمعة تجعل حميدتي يحاول تجنب العقوبات مع التركيز على العمل السياسي، وفق ما تتطلبه المرحلة، وهي المرحلة المتعلقة بالمفاوضات.
مربط الفرس
وقال الطيب إن حالة الاختفاء مرتبطة بشكل كبير بملف الجنائية الدولية حيث تحدث المدعي العام للمحكمة عن جرائم حرب في السودان، ورغم ان الملف لازال قيد التقصي والتحري، الا ان حميدتي ومن معه من المتوقع أن يكونوا جزءا من المطلوبين الذين ستفتح في مواجهتهم قضايا متعلقة بالانتهاكات وجرائم الحرب، وَالجرائم ضد الإنسانية.
وتابع: المجتمع الدولي الان يتحدث عمن انتهاكات مليشيا الدعم السريع بجانب وجود دعوات قوية لفرض عقوبات على قادة الدعم السريع، خاصة مع أحداث الفاشر التي وجدت تنديد من المبعوثين الخاصين والمسؤولين الغربيين والاتحاد الاوروبي، والمنظمات الدولية والإنسانية.
وزاد: ملف الفاشر أصبح مربط الفرس لان اي تجدد للانتهاكات فان العقوبات ستطال حميدتي والبقية، سيما في ظل مطالبة من لجنتي العلاقات العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين الرئيس جو بايدن بالنظر بشكل عاجل في فرض عقوبات على قوات الدعم السريع السودانية وقائدها محمد حمدان دقلو “حميدتي” جراء ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
فرض عقوبات
وفي ابريل الماضي طالبت لجنتا العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين الرئيس جو بايدن بالنظر بشكل عاجل في فرض عقوبات على قوات الدعم السريع السودانية وقائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” جراء ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وفي خطاب مشترك إلى بايدن، قالت اللجنتان إنه يتعين على الرئيس الأميركي -في غضون 120 يوما من تلقي الخطاب- تحديد ما إذا كانت تلك القوات وقائدها قد شاركا في عمليات قتل خارج نطاق القضاء أو التعذيب أو غير ذلك من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
كما طلبوا من بايدن فحص الشبكات المالية لقوات مليسيا الدعم السريع ومصادر إيراداتها مثل تهريب الذهب والعلاقات مع روسيا ومجموعة فاغنر شبه العسكرية الروسية، وذلك لتقييم ما إذا كان يتعين كذلك فرض عقوبات عليهم بموجب قانون ماغنيتسكي العالمي.
وقالت قيادة اللجنتين في الخطاب إنه يتعين على بايدن أن يقدم تقريرا سريا أو غير سري، يتضمن بيانا عما إذا كان الرئيس قد فرض أو ينوي فرض عقوبات على قوات الدعم السريع أو حميدتي أو كليهما على أن يتضمن التقرير شرحا مفصلا لتلك العقوبات.
اختفاء
َوبعيدا عن غياب حميدتي وظهوره المتقطع، فإن غياب قائد ثان المليشا عبد الرحيم دقلو، يبرره مختصون في الشان السياسي بمخاوف الرجل من الظهور بعد أن فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات عليه.
ووصف عبد الرحيم في أول تعليق له على العقوبات المفروضة عليه خلال لقاء تلفزيوني وقتها، قرار العقوبات بالمجحف، مؤكدا انه بني على معلومات مأخوذة من جهات ضد الدعم السريع، وأن الجهات التي أصدرت العقوبات لم تتريث لمعرفة من يخلق الفتن ويقتل الناس في دارفور.
وقال إن قرار الخزانة الأميركية ليس في محله وانه لا يعنيه أصلا، مبديا جاهزيته للعدالة للتحقيق، الا انه اثر الاختفاء والتواري.
عقوبات
وفي سبتمبر أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، فرض عقوبات على نائب قائد قوات الدعم السريع في السودان عبد الرحيم حمدان دقلو.
وعزت في بيان العقوبات لارتكاب قواته أعمال عنف وانتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك استهداف المدنيين والقتل العرقي، واستخدام العنف الجنسي.
وقالت الوزارة إن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها تقوم بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في دارفور وأماكن أخرى.
وأشارت إلى أن القرار ينص على حظر اصول عبدالرحيم دقلو إلى جميع الممتلكات والمصالح المدرجة تحت اسمه في الولايات المتحدة، أو في حوزة أو سيطرة أشخاص أميركيين. بالإضافة إلى ذلك، سيتم أيضًا حظر أي كيانات مملوكة، بشكل مباشر أو غير مباشر، بشكل فردي أو إجمالي، بنسبة 50 بالمائة أو أكثر من قبل شخص واحد أو أكثر من الأشخاص المحظورين.
التقديرات الأمنية
جانب اخر مهم يراه متابعون في غياب قيادات الدعم السريع، وهو التقديرات الأمنية، بجانب تناقص نسبة السيطرة على القوات.
فبحسب مصادر تحدثت ل الكرامة فان قيادة قوات الدعم فقدت السيطرة على عناصرها بنسبة كبيرة، َان المجموعة التي تسيطر عليها تقدر بنحو 30 %فقط.
ووفق المصادر فان المليشيا تسيطر على عناصرها في دارفور، ونوعا ما في الخرطوم اما بقية الولايات والمناطق فان عناصر تمرد الدعم السريع خارج السيطرة.
وقالت المصادر ان الانتهاكات التي تقوم بها هذه العناصر المتفلتة تضع قادة المليشيا في خانة إليك لأعتبارها محسوبة عليها، ما يجعلها تتواري ويتحدث بدلا عنها المستشارين، منددين بالانتهاكات.
وبالتوازي مع ذلك قالت مصادر عسكرية ل” الكرامة ” ان تقديرات امنية إلى جانب الخوف من العقوبات هي التي تجعل قادة المليشيا تتواري عن الظهور، بجانب السياسات المفروضة من الدول المضيفة لهم ومخاوفها من اتخاذهم كمنصات لإطلاق التصريحات.
عقوبات جديدة
وولا يختلف الامر بالنسبة لقيادات ميدانية بارزة في الدعم السريع مثل عثمان عمليات وغيره، ففي مايو الجاري أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها، فرض عقوبات على قائدين من قوات الدعم السريع، لقيادتهما حملات حربية في دارفور وعدد من المناطق السودانية.
وقالت وزارة الخزانة الأميركية في بيان على موقعها الإلكتروني، إن “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية فرض عقوبات على، عثمان محمد حامد وعلي يعقوب جبريل محمد، بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098، لقيادتهما الحملة الحربية لقوات الدعم السريع”.
ولفت البيان إلى أن هجمات قوات الدعم السريع في ولاية شمال دارفور، التي بدأت الشهر الماضي، تسببت في سقوط عشرات الضحايا من المدنيين، بينهم أطفال.
وأشار إلى أن تطويق قوات الدعم السريع للفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، والقتال الأخير بينها والجيش السوداني، عرّض ما يقرب من مليون مدني للخطر، وأعاق وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.
وقال وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، بريان نيلسون، “بينما يواصل الشعب السوداني المطالبة بإنهاء الحرب، ركز القائدان على التوسع إلى جبهات جديدة، من أجل السيطرة على المزيد من الأراضي”.
تكتيك عسكري وسياسي
وفي الاثناء يذهب الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبد الله آدم خاطر إلى وصف ما يحدث بكونه تكتيك سياسي وعسكري لمليشيا الدعم.
مؤكدا في افادات ل الكرامة ان قيادات الدعم السريع استفادت من الغياب إلى البحث عن طرق للتفاوض.
واستبعد في ذات الوقت ان يكون الغياب متعلق بمخاوف من العقوبات او خلافه، قائلا؛ هذه القوات لو كانت تعترف بالمجتمع الدولي لما افدمت على الحرب.
وأضاف: هذه الحرب فيها عدم احترام للقيم الإنسانية والقانون الدولي الإنساني.