وسط اهمال وتقاعس دولي: شبح الجوع.. الكارثة الاكبر
- تقارير دولية : 18 مليون سوداني يتعرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي
- 5 ملايين مواطن يواجهون شبح الجوع خلال الأشهر المقبلة
- حوالي 3.8 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغدية
تقرير :رحمة عبدالمنعم
تشير تقديرات أممية إلى هناك ملايين السودانيين بحاجة ماسةإلى نوع من التدخل الإنساني من أجل التغلب على صعوبات العيش المتزايدة والبقاء على قيد الحياة جراء الحرب الدائرة، وطبقاً لبرنامج الأغذية العالمية فإن 18 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد داخل البلاد
تقارير دولية
ويشهد السودان أزمة حادة في انعدام الأمن الغذائي، إثر حرب مليشيات الدعم السريع التي دخلت عامها الثاني، وأدت بشكل كبير إلى تدمير الاقتصاد في البلاد، والذي بدوره ضاعف الأزمة الإنسانية ومعاناة المواطنين.
ووفقاً للأمم المتحدة فأن أكثر من 18 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يعاني 3.8 مليون طفل من سوء التغذية الحاد.
وبحسب تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان فأن نحو 18 مليون شخص في حاجة إلى مساعدة إنسانية، بينهم 5 مليون سوداني منهم في حاجة ماسة وبشكل عاجل للمساعدة الإنسانية.
وقال برنامج الأغذية العالمي “WFP”، إن السودان يشهد ارتفاع في معدلات الجوع وسوء التغذية الحاد منذ اندلاع الصراع، حيث يعاني 18 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد داخل البلاد، ويعاني حوالي 3.8 مليون طفل سوداني دون سن الخامسة من سوء التغذية.
واوضح البرنامج إن معظم هؤلاء الأشخاص محاصرون في مناطق القتال الدائر حيث يكافح برنامج الأغذية العالمي ووكالات الإغاثة الأخرى من أجل الحفاظ على إمكانية الوصول المستمر إليهم
وفقاً لتحذيرات منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، يواجه نحو خمسة ملايين سوداني شبح الجوع في الأشهر المقبلة على أجزاء مختلفة من البلاد التي مزقتها الحرب.
وأشار غريفيث في مذكرة لمجلس الأمن الدولي، إلى مستويات كارثية من الجوع نجمت عن آثار الصراع المحتدم في البلاد سواء على أقواتها أو على إنتاجها الزراعي، فضلا عما لحق بنيتها التحتية الأساسية من دمار.».
شبح الجوع
وقالت مسؤولة في الأمم المتحدة، إن شبح المجاعة يلوح في سماء البلاد بعد نحو عام من الحرب، وإن السودان يواجه “واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة”، منددة بتقاعس المجتمع الدولي
وقالت إيديم وسورنو نيابة عن منسّق الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، أمام مجلس الأمن “من كل النواحي وحجم الحاجات الإنسانية وعدد النازحين والمهددين بالجوع، يشهد السودان إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة”.
واستنكرت قائلة “يحدث استهزاء إنساني في السودان، خلف ستار من الإهمال والتقاعس الدولي. وببساطة، نحن نخذل الشعب السوداني”، متحدثة عن “اليأس” الذي يعيشه السكان.
مطلع مارس، دعا مجلس الأمن الدولي إلى وقف “فوري” لإطلاق النار في السودان والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بلا عوائق، وأضافت وسورنو “منذ ذلك الحين، يؤسفني أن أقول إنه لم يتم إحراز تقدم كبير على الأرض”.
من جانبه، قال نائب مديربرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو : “إذا أردنا الحؤول دون أن يشهد السودان أسوأ أزمة غذائية في العالم، فإن تنسيق الجهود أمر ملح وضروري”، محذرا من انزلاق السودانيين إلى مرحلة المجاعة مع حلول موسم العجاف في مايو.
وأضاف إن “شركائنا في المجال الإنساني يتوقعون وفاة حوالي 222 ألف طفل بسبب سوء التغذية خلال الأسابيع أو الأشهر المقبلة” مشيرة إلى خطر وفاة الأطفال الضعفاء بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، في حين أن أكثر من 70% من المرافق الصحية خارجة عن الخدمة.
سوء التغذية
ووفقاً لتقارير دولية، شهد السودان ارتفاعاً في معدلات سوء التغذية الحاد بنسبة 25بالمئة ، إذ يعاني حوالي 3.8 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد،ويتوقع وفاة 222 الف طفل بسبب سوء التغذية خلال الأشهر القادمة
وبنظرات ممزوجة بدموع الشعور بالعجز، ينظر عبدالله الجاك إلى إبنه المصاب بسوء التغذية داخل غرفة صغيرة بمستشفى هيا ، والذي استطاع بالكاد أن يجد له سريرا بداخله لتلقي العلاج. ويحاول الجاك أن يظهر متماسكاً معظم الوقت حتى يصدر ابنه آهات الإعياء فتنهمر دموعه ويداعب شعه برفق متسائلا بصوت خفيض متى سبتعافي ويعود كما كان
وقال الجاك ل(صحيفة الكرامة) : «أعمل معلم حكومي ونزحت لولاية البحر الأحمر قبل أشهر ولم أصرف راتبي لنحو عام واعاني من ظروف مالية سيئة،اوصلتني إلى درجة إصابة احد ابنائي بسوء التغذية ». وأضاف: «أصيب ابني بسوء التغذية منذ نحو 3 أشهر، حاولت جاهدا أن أجد له علاجاً ولكن دون جدوى، حتى قررت اقتراض المال ونقله إلى مركز طبي متخصص في علاج سوء التغذية». وتابع: «تأخر نقل ابني بسبب صعوبة توفير تكاليف المستشفى الخاص والإقامة فيه وقال الجاك : «وضعنا تحت الصفر وظروفنا أجبرتني على تركه يتالم ويقاوم وحده في مواجهة مرض سوء التغذية.. لم أستطع توفير الغذاء المناسب له لأني بلا عمل منذ بداية الحرب، وهذه الأيام فرص العمل تكاد تكون معدومة».
والجاك واحد من مئات السودانيبن الذين يعاني أبناؤهم سوء التغذية ويواجهون خطر الموت جوعا في السودان الذي يشهد حربا ضروسا منذ منتصف أبريل 2023م.
نقص التمويل
وحذرت الأمم المتحدة من شبح المجاعة في السودان بسبب النقص الحاد في تمويل الاستجابة، مطالبة المانحين بالإيفاء بتعهداتهم، من أجل تمكن المنظمات الأممية من تقديم المساعدات في البلد الذي يشهد نزاعا مسلحا منذ العام الماضي.
وأشارت الأمم المتحدة، إلى أنها لم تتلق سوى 12 بالمئة من تمويل بقيمة 2.7 مليار دولار طلبته لمساعدة السودان.
وقال ينس لايركه الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، إن “هذا ليس مجرد نداء يواجه نقصا في التمويل، بل إنه نداء يواجه نقصا كارثيا في التمويل”.
وأضاف: “إذا لم تصل المزيد من الموارد بسرعة، لن تتمكن المنظمات الإنسانية من تكثيف جهودها في الوقت المناسب لدرء المجاعة ومنع المزيد من الحرمان”.
وحذر المتحدث الأممي، قائلا: “في السودان، يحتاج نصف السكان إلى مساعدات إنسانية.. المجاعة تقترب.. الأمراض تقترب.. القتال يقترب من المدنيين خصوصا في دارفور”.
وناشد لايركه كذلك، بأنه “حان الوقت الآن لكي يفي المانحون بالتعهدات التي قطعوها ويكثفوا جهود؛هم ويساهموا في مساعدة السودان، وأن يكونوا جزءا من تغيير المسار الحالي الذي يودي إلى الهاوية”
تدهور الأوضاع
وطالت آثار الحرب ملايين السودانيين، مما جعلهم يعانون من أزمة إنسانية تعد الأسوأ في العالم، وانعدام في الأمن الغذائي، فأصبح شبح الجوع وسوء التغذية مخيم على حياة السودانيين،ويقول الخبير الاقتصادي د. هيثَم عبدالرحمن،إن تدهور الوضع الإنساني والغذائي في السودان يأتي بسبب استمرار الحرب، وتوقف المؤسسات المنتجة وهشاشة الاقتصاد السوداني،وتدني الموارد نتيجة الحرب القائمة في البلاد،
ويضيف في تصريحات لـ”الكرامة” أن كثير من الركائز الأساسية للاقتصاد السوداني خرجت عن الجاهزية منذ اندلاع الحرب، إضافة إلى تضرر القطاع الخاص والذي انعكس على تسريح مئات الآلاف من العاملين فيه، فضلا عن توقف الرواتب على أكثر من 856 الف موظف سوداني لنحو عام، وأشار الخبير إلى أن كل هذه العوامل ساهمت في اتساع الأزمة الإنسانية في السودان، وأصبحت الأرقام تتزايد يوماً بعد آخر للأشخاص الذين هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.