(الكرامة) تكشف عن أرقام مخيفة: ارتفاع حالات الطلاق..الوجه الأخطر للحرب
(الكرامة) تكشف عن أرقام مخيفة
“ارتفاع حالات الطلاق “..الوجه الآخطر للحرب
تسجيل 96 الف حالة خلال عام الحرب..
ارتفاع نسبة الطلاق إلى 36٪ و 11″ حالة طلاق كل ساعة..
الظروف الإقتصادية وشظف العيش من أبرز الأسباب ..
تقرير :رحمة عبدالمنعم
احدثت حرب الخامس عشر من ابريل، شرخاً مجتمعياً يزداد اتساعاً بمرور الزمن، على مستوى الأسر، إذ توسعت ظاهرة الطلاق في السودان بشكل مقلق،مع ارتفاع معدلها بشكل لافت، خصوصاً في عام الحرب، وتشير إحصاءات اجرتها (منظمة لبنة) إلى ارتفاع معدلات الطلاق لتصل إلى 96 الف حالة..
أرقام مخيفة
كشفت مصادر قانونية ب(منظمة لبنة للتنمية ودراسات المجتمع) عن ازدياد عدد حالات الطلاق في المجتمع السوداني للعام 2023م بنسبة36٪ مقارنة بالعام الماضي، ووصفت انتشار الظاهرة بأنه “أشبه بالكارثة”
وقالت مدير مركز الدراسات الإجتماعية بمنظمة لبنة د.أشراقة محمد،لـ”الكرامة”،إن المنظمة أجرت بحثاً استقصائياً عن حالات الطلاق التي وقعت خلال عام الحرب،ولم تتحصل على معلومات دقيقة نسبةً إلى ان بعض المناطق بها اشتباكات مسلحة، ولكنها تلقت الآلآف من شكاوي الطلاق من نازحين
وأضافت اشراقة: بعد مسح ميداني ولقاءات متعددة مع المعنيين من قضاة وخبراء ومؤسسات غير حكومية، لوحظ ازدياد نسبة الطلاق لدى مختلف الفئات العمرية سواء كان زواجا مبكرا أو قديما، نتيجة عدة عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية عرفها السودان في عام الحرب، وتفاقمت معها ظاهرة الطلاق حيث تعرضت الكثير من الأسر للتفكك مما أدّى إلى إلحاق العديد من الأضرار بالمجتمع.
وأوضحت أن حالات الطلاق في السودان بحسب إحصاءات المنظمة، وصلت إلى 96 الف حالة خلال العام 2023م، مرتفعة عن الاعوام الماضية، بنسبة 36 بالمئة، إذ تحدث 11 حالة طلاق كل ساعة واكثر من 8 ألف حالة خلال الشهر.
وتعدد مدير مركز الدراسات د.اشراقة محمد، أسباب حالات الطلاق في السودان، لاسباب مرتبطة بالظروف الاقتصادية المتدهورة، والمتعلقة بشكل رئيسي بالحرب الدائرة، الى جانب اسباب أخرى..
تجدر الإشارة إلى آخر الاحصاءات، كانت قد اشارت إلى وقوع 70 الف حالة طلاق في العام الماضي،إذ سجلت الخرطوم وحدها 20 ألف حالة.
نهاية مشروع
لم تكن تدرك أم منال ذات الخمسة والثلاثين ربيعا، أن نهاية مشروع زواجها “الطلاق”، رغم لرتباطها عن قصة حب من شاب، عاشت معه عشرة سنوات، وأنجبا ثلاث أطفال، لينفصلا بسبب تدهور الوضع المالي للزوج، وعدم قدرته على تحمل المتطلبات المعيشية.
وتقول ام منال التي تسكن منطقة آبودم، جنوبي الخرطوم، لـ”الكرامة”،” تزوجت بعد ان أكملت تعليمي الجامعي من شاب جمعتني به قصة حب، وعشت معه عشرة سنوات، كانت من أفضل ايام حياتي، وانجبت منه ثلاثة أطفال، وضعنا المادي كان عادياً، لكن بعد قيام الحرب تحولت حياتنا إلى معاناة “.
وأضافت :بدات المعاناة بعد توقف الراتب الحكومي لزوجي الذي يعمل بمحلية جبل اولياء،حيث لم يتوفق في الحصول على مصادر دخل أخرى، وظل يعتمد على مساعدات بسيطة تأتي من شقيقه في الخارج من وقت لأخر، ولم تكن تكفي لتلبية حاجاتنا الشهرية”
وتابعت : تحملت معه ظروف الحرب ولكن حالته النفسية أصبحت سيئة جراء الضائقة المعيشية ،ويومياً نخوض نقاشات ساخنة إلى وصلنا لطريق مسدود،وايقنت باستحالة استمرار الزواج، وأنضممت لقائمة المطلقات”.
حال أم منال، مثالا لآلاف الحالات المشابهة التي قررت انهاء حياتها الزوجية، نظراً للظروف المعيشية للأزواج كسبب رئيسي في تسمّم العلاقة بين الزوجين، وعجزهم عن إعالة أسرهم، فالحرب قذفت بملايين السودانيين إلى البطالة، في حين تزايدت متطلبات الحياة بشكل قياسي، بسبب الانهيار الاقتصادي وارتفاع الأسعار وتدهور سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وانقطاع المرتبات.
مجمع الفقه
وفي وقت سابق، أعلن مجمع الفقه الإسلامي، أنه بصدد ضم أطباء ومعالجين نفسيين للجنة الأحوال الشخصية التي تنظر في ارتفاع حالات الطلاق في المجتمع السوداني، وأكد الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي، بروفيسور عادل حسن حمزة، لدى لقائه استشاري الطب النفسي د. أنس ابن عوف عباس، إلى أهمية معرفة الحالة النفسية للزوج قبل الحكم على وقوع الطلاق بين الزوجين من عدمه.
من جانبه أمن أبن عوف على أهمية الطبيب النفسي في معرفة الأمراض النفسية وأثرها على الحالة الذهنية للناس، مشيراً إلى أن كثير من حالات الاكتئاب المصحوبة بالضيق وانعدام الأمل يكون صاحبها أشبه بمن رفع عنه القلم في تصرفاته، ويذكر أن د. أنس أهدى عدد من مؤلفاته لمكتبة المجمع، وعلى رأسها كتاب الأحكام الفقهية للأمراض النفسية، والذي وافق المجمع على تبني طبعة سودانية له.
الوضع الإقتصادي
ويقول المحامي الطيب عبدون لـ”الكرامة”،إن الارتفاع الكبير في عدد حالات الطلاق في المحاكم، لأسباب مختلفة ولكن في مقدمتها الاوضاع الاقتصادية السيئة، وعن أعمار الأزواج الراغبين في الطلاق وسنوات زواجهم، بين المحامي، أن أغلبهم في أعمار الشباب وأغلب الزيجات حديثة العهد،وكذلك بعض حالات الطلاق لزيجات تجاوزت ال 15عاماً
وأشار إلى أن اسباب ارتفاع حالات الطلاق، تتضمن الفقر والوضع الاقتصادي المنهار هو السبب الأول بلا منازع، إضافة إلى تزايد المتعاطين للمخدارات، علاوة على المشكلات الناجمة عن استخدام وسائل التواصل الإجتماعي.
وتابع عبدون بأن العوامل التي لعبت دوراً سلبياً في تفكيك الأسرة السودانية هي الوضع الاقتصادي والاضطرابات الأمنية إضافة إلى التهجير ولجوء بعض الأسر للعيش ضمن مراكز إقامة مؤقتة جماعية وغير ذلك. إلا أن خطورة ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع السوداني اليوم تكمن في المرتبة الأولى بضياع الأطفال وتشردهم والحصول على جيل يتسم بهوية اجتماعية وذاتية مضطربة لا يتمتع بالأهلية اللازمة لبناء مستقبل أفضل لمجتمعه وبناء وطن قادر على مواجهة التحديات.
حالات اكتئاب
وقالت الباحثة النفسية امال عبداللطيف،إن الحرب التي يعيشها المجتمع السوداني، لها تأثير واضح على تفكك البنية الإجتماعية، وتقف الظروف الإقتصادية على رأس قائمة الأسباب المؤدية للطلاق، كما هنالك اسباب اجتماعية ونفسية أخرى
وأضافت لـ”الكرامة”: العوامل الاقتصادية، مثل انتشار البطالة والفقر وانخفاض مستوى المعيشة من جراء موجات الغلاء المتزايدة التي تشهدها البلاد بشكل مطرد، وهذا يقودنا إلى مسبب آخر للطلاق يتمثل في انتشار آفة المخدرات، وما ينجم عن ذلك من تعنيف بحق النساء والاعتداء عليهن، وبالتالي يكون الانفصال هو الحل، للتخلص من ذلك الجحيم إن صح التعبير”.
واكدت امال،إن كثير من الأزواج، لا سيما النساء، يجبرون أنفسهم على الاستمرار في الزواج من أجل الأولاد ولحماية الأسرة، ولكن ما يحصل بسبب الحرب أن الأولاد يهاجرون وتتفكك الأسرة، وتزول أسباب الاستمرار والصبر، فتزيد المشكلات والصراعات التي تصل إلى حد تحطيم كل منهما للآخر»، وأشارت إلى ازدياد كبير في أعداد مرضى الاكتئاب من الأزواج: «تبدأ حالة الاكتئاب لدى أحدهما، ومع مرور الوقت، ومحاولة الآخر مراعاة الشريك المكتئب، تنتقل الحالة إلى الطرف الثاني، وتتحول الحياة بينهما إلى جحيم».