تصفية الأسرى.. الوجه الاقبح لفظائع الدعم السريع
تقرير : ضياءالدين سليمان
لم تكتفِ عناصر مليشيا الدعم السريع بعد تمردهم على الدولة بالانتهاكات التي ارتكبوها في حق الشعب السوداني فسرقة ممتلكات المواطنين واغتصاب حرائرهم وتهجيرهم قسراً من المنازل عطفاً على ممارسة التطهير العرقي في مناطق عدة لم تشبع غريزتهم من الإنتهاكات بل تعدى ذلك الي القتل الذي حرّمه الله الا بالحق الي جانب اسر عدد من الموطنيين عسكريين ومدنيين والاحتفاظ بهم كرهائن.
لم يكن تعامل مليشيا الدعم السريع مع الأسرى أحسن حالاً من الفظائع والانتهاكات المتركبة، لكنها حتماً تمثل الوجه الأكثر قسوة لفظائع الجنجويد إذ وصلت الجرائم بحق هذه الفئة حد التصفيات الميدانية المباشرة أو التصفية عن طريق التعذيب والتنكيل هذا بعد إذلال الأسرى وتصويرهم وإجبارهم على تقديم شهادات مصورة، في تجاوز صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني ومعاهدات وأخلاقيات الحروب المعروفة، وهي مسائل ترتقي لمستوى جرائم الحرب، وتستوجب محاسبة مرتكبيها في محاكم وطنية أو دولية.
طوال الفترة التي أعقبت اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل ومنذ الايام الاولى درجت المليشيا على بث مقاطع مصورة عديدة حملتها وسائل التواصل الإجتماعي وثقت لكثير من الانتهاكات بحق الأسرى بدءاً من تصوير عشرات الأسرى من جنود سودانيين ومصريين في قاعدة مروي العسكرية مروراً بعرض كبار الضباط في الجيش وقعوا في الاسر خلال معارك عسكرية في بحري والخرطوم في فيديوهات مع إجبارهم على الإفشاء بمعلومات أمنية وشهادات ضد القوات المسلحة الا أن الأكثر قسوة هي تلك الحالات التي يطلق فيها عناصر المليشيا وابل من الرصاص بصورة مباشرة على اجساد ورؤوس عدد من الأسرى هذا المشهد تكرر كثيراً من أفراد الدعم السريع آخرها ما تم في حق الأسرى في المعارك التي دارت رحاها في المناطق الواقعة شرقي مدينة الأبيض.
تقارير موثقة
افردت مفوضية حقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة مساحة واسعة في تقريرها الذي قدمته الي المجلس في مارس الماضي الي أمر تصفية الأسرى خلال حرب السودان .
وقالت إنها تلقت تقارير موثقة وبالارقام تشير الي تورط الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معه في عدة جرائم متعلقة بتصفية الأسرى فى الجنينة واردمتا والخرطوم والجزيرة.
واشارت تقارير مفوضية حقوق الإنسان الي ان هذه الجرائم تقود مرتكبيها إلى المحكمة الجنائية الدولية، لأنها تصنف ضمن الجرائم ضد الإنسانية وفقًا للمعاهدات الدولية واتفاقيات جنيف وأن لجنة تقصي الحقائق المكونة من مجلس حقوق الإنسان في جنيف، إذا وصلت البلاد ستشرع في التحقيق فورًا في هذه القضايا.
الحادث الاكثر بشاعة
كثير من مقاطع الفيديو للانتهاكات في حق الاسرى تظهر حجم الجرائم المروعة التي لم تكن مألوفة لدى يوميات الحروب في السودان ولم يعرفها العرف السوداني مثل ذبح الرؤوس أو تقطيع الجسد إلى أشلاء، والتي أُرتكبت بحق المدنيين أو الأسرى من قبل الدعم السريع هذه الجرائم انتشرت على نطاق واسع وتكررت، ما يعني أنها ممنهجة من قبل عناصر المليشيا ودوافعها انتقامية.
الا ان الحادثة الاكثر بشاعة هي مقتل والي غرب دارفور خميس ابكر والتمثيل بجثته في الجنينة من قبل جنود الدعم السريع حيث لم يكتفِ الجنود بقتله فقط بل مقاطع فيديو وثقت لجر جثته على الأرض بعد ربطها على إحدى السيارات الي جانب ترك الجثة في العراء ورميها بالحجارة في منظر اقل ما يمكن ان يوصف به بأنه صادم.
جهل بالقانون
ما تفعله المليشيا مع الأسرى يعد أحد أسوأ انتهاكات الحرب، حيث يقوم بتصوير الأسرى واستنطاقهم أمام الكاميرات، إلى جانب تعذيبهم والإساءة إليهم وحرمانهم من الأكل والعلاج، ويظهرون بأشكال مزرية تؤكد أنهم تعرضوا لمعاملة سيئة، وذلك يخالف البروتوكولات والمعاهدات الدولية الخاصة بحماية الأسرى وهي بالطبع جرائم يحاكم عليها القانون الدولي والقوانين المحلية.
ورغم العقوبات التي يتضمنها القانون الدولي الإنساني الا الطريقة التي تتعامل بها المليشيا تنطوي على جهل وعدم معرفة بالقانون الدولي الذي يحمي حقوق الاسرى وهذا تأكيد على همجية هذه المليشيا التي اصبغت التعامل مع الاسرى بصبغة اثنية وقبلية على أساس اللون والعرق والإثنية وهو الامر الذي ستترتب عليه عواقب على مستقبل العلاقات الإنسانية بين المجتمعات والقبائل المختلفة في البلاد لأنه لم يكن مجرد قتال بين فصلين ينتهي بتوقيع اتفاقية سلام، فهناك مرارات ستتشكل تجاه مكونات بعينها، وقد شاهدنا فيديوهات تحمل دلالات إثنية قبيحة، وسوف تترك آثاراً لفترة زمنية طويلة”.
ضرورة المحاسبة
وحتى لا يتمادى عناصر المليشيا في ارتكاب مثل الجرائم وخوفاً من تكرار هذه التجارب أصبحت المطالبة بضرورة محاسبة مرتكبيها فالمحاكمة تمثل مدخلاً رئيسياً لتفادي حدوث مثل الانتهاكات والجرائم
عدة خيارات لمحاكمة مرتكبيها اولها تكوين محاكم وطنية خاصة أو تشكيل محاكم مختلطة من قضاة سودانيين واجانب بجانب المحكمة الجنائية الدولية والتي بحوزتها ملف جرائم المليشيا في غرب دارفور أو أن هنالك خياراً اخراً وهو تكوين محاكم خاصة مثلما حدث مع جرائم الحرب في يوغسلافيا ورواندا وهذا حتماً تحدده حجم ونوع الجريمة ذات نفسها على أن يتم تقديم قادة المليشيا الي للمحاكمة بواسطة الجنائية الدولية اما القيادات الوسطى يمكن أن يحكموا في محاكم مختلطة أو خاصة على أن يتم البت في الجرائم العادية عبر محاكم وطنية مستقلة.