الجيش.. من (الصدمة) الى الانتصارات الكبيرة
- الجنجويد باتوا لا يقاتلونه إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر
- ظروف قاسية واجهتها القوات المسلحة في بواكير تمرد الجنجويد..
- التزام استراتيجية (الحفر بالإبرة)، والصبر على نقص المؤن وضعف الإمداد…
- تحول العقيدة القتالية أحدثت فارقاً في مسار العمليات الميدانية..
- التفاف الشعب وانخراط المواطنين في صفوف المستنفرين، هزم شائعة الأدلجة..
تقرير : إسماعيل جبريل تيسو
مع شمس كل يوم جديد، تشرق شمس القوات المسلحة بازغة بانتصاراتها المدوية على مليشيا الدعم السريع، التي أصبحت كأعجاز نخل خاوية تترنح أمام الضربات الموجعة لبواسل الجيش المدعومين بالقوات المساندة من الأجهزة الأمنية النظامية الاخرى والمستنفرين والمجاهدين.
امتصاص الصدمة:
لقد نالت القوات المسلحة إعجاب الأعداء قبل الأصدقاء وهي تتصدى لغدر وخيانة الميليشيا المتمردة وتمتصَّ مفاجأة الصدمة الأولى صبيحة الخامس عشر من أبريل 2023م، فمارس الصبر الجميل والتزمت مبدأ (الحفر بالإبرة) حتى نجح في كسر شوكة المتمردين باستنزاف قوتهم، لتخرج عليهم كريح عاصفة فرَّوا أمامها هاربين، تاركين معسكراتهم ومناطقهم الاستراتيجية، ولاذوا ببيوت المواطنين ومنازلهم واستجاروا بالأعيان المدنية، وحولوها إلى ثكنات عسكرية، وأصبحوا لا يقاتلون الجيش إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر.
مراحل الحسم:
ومنذ السادس عشر من فبراير 2024 م، تأريخ التحام قوات الجيش في واي سيدنا شمالي أم درمان، مع قوات سلاح المهندسين وسط أم درمان، دخلت العمليات العسكرية مراحل الحسم و( الجغم) وضرب الجنجويد بيد من حديد، فكبدوهم خسائر فادحة في الأرواح والأنفس والمعدات، في عدة مناطق وجبهات.
النصر الأكبر:
وتمضي مسيرات الانتصارات، وتزداد عزيمة القوات، ويرتفع سقف الطموحات، ويتعزز اليقين بأن النصر الأكبر آت، نرى ذلك في انتصارات الهجانة في شمال كردفان، وصمود بواسل وأبطال الفرقة 22 مشاة بابنوسة، نرى النصر الأكبر في اندحار الميليشيا في الكدرو، وحصارهم في مصفاة الجيلي، وتضييق الخناق عليهم في ود مدني، ورجمهم في الكثير من المواقع والطرقات بوابل من قاذفات الطير الأبابيل.
أمرٌ عجاب:
إن ما فعلته القوات المسلحة خلال حرب الكرامة الوطنية، أمرٌ عجاب، يرفع حاجب الدهشة، ويثير كوامن الإعجاب، فقد أُرغمت القوات المسلحة على تغيير طريقتها القتالية التي تدربت عليها منذ نشأتها باعتماد الدفاع عن الأرض والذود عن حياض الوطن، وتحويلها هذه المرة إلى عقيدة مستحدثة تلتزم الهجوم وتوجيه الضربات للعدو في مواقعه.
ظروف قاسية:
لقد واجهت القوات المسلحة في بواكير حرب الكرامة الوطنية ضد تمرد مليشيا الدعم السريع، ظروفاً قاسية تمثلت في انعدام الذخائر والمعدات والمؤن الحربية، وقلة المقاتلين، باعتبار أن الجنجويد قد باغتوا الجيش بتمردهم، وحاصروه في مواقعه وثكناته العسكرية، ولكن حنكة القوات المسلحة وخبرتها الطويلة في إدارة العمليات، نجحت في قلب الطاولة على المتمردين، وردِّ كيدهم في نحورهم خاسئين وخاسرين.
أفضل الحالات:
وبعد أكثر من عام على قتال ميليشيا آل دقلو المتمردة، نجد أن القوات المسلحة المدعومة بالقوات المساندة من القوات النظامية والأجهزة الأمنية، في أفضل حالاتها، فلم يعد الجيش يقاتل الجنجويد وحيداً، في ظل انضمام المجاهدين والمقاومة الشعبية، والمستنفرين، وفي ظل الالتفاف الجماهيري الكبير خلف القوات المسلحة بلورةً لشعار (جيش واحد شعب واحد) وهي مواقف وطنية عززت من سيطرة القوات المسلحة التي باتت تمتلك زمام المبادرة في معظم الجبهات ومسارح العمليات.
ملحمة وطنية:
لقد كان انضمام المستنفرين والمجاهدين للقوات المسلحة، بمثابة ملحمة وطنية، وثورة إيمانية صادقة العزم والعطاء، أكدت على مكانة الجيش في نفوس جماهير الشعب السوداني، وعززت من حقيقة أن القوات المسلحة بوتقة ووعاءً ينصهر فيه كل السودان بمختلف سحاناته وإثنياته، مهما حاول الأعداء والمرجفون في المدينة تقزيم الجيش وتلفيق التهم والشائعات والارتكاز على عصا مكسورة، والنفخ في أسطوانة مشروخة تصرُّ على أدلجة القوات المسلحة، وحبك الحيل والمكائد لإضعافها حتى تكون لقمة سائغة في أفواه المتمردين ومن يخلف خلفهم من دول تستهدف ثروات وخيرات البلاد، ولكن هيهات.
عزيمة لن تلين:
على كلٍّ، ستمضي المسيرة القاصدة للقوات المسلحة، مسنودة بعرق ودماء الشرفاء من جماهير الشعب السوداني، الذين ما انفكوا يخرجون زرافات ووحدانا، يهتفون باسم الجيش، ويلتحمون بقادته وقيادته العليا في الشوارع والميادين، مكبرين ومهللين ورافعين أكف الضراعة بأن يتحقق النصر المبين، وحتماً سيتحقق طالما أن الشعب خلف الجيش، وطالما أن الجيش ممسكٌ بنواصي إرادته وعزيمته التي لا ولن تلين، وصدق شاعرنا القديم حين قال:
قيادة رشيدة مدربَّة
فاهمة الحروب ومضاربة
فرسان جيوشنا مجربَّة
وأعدانا وَلَّت هاربة
دا جيشنا جيش الهنا
الحارس مالنا ودمنا.