“الدلنج “.. من عمق الماسي الى (سكة الحياة) ..

  • “الكرامة” تروي قصص مؤلمة عن نزوح وعودة المواطنين
  • مليشيا “حميدتي” قامت بتصفية (7) من أبناء “شاد” و “الكواليب”
  • مقتل “60” شخصا وجرح 24″ اخرين.. و “52” مفقودا فى احداث هبيلا ..
  • اختطاف عدد من النساء من بينهن ام لرضيع عمره خمسة أشهر..
  • عودة نازحين إلى منازلهم في المدينة بعد دحر “الجنجويد”

تقرير : رحمة عبدالمنعم

بعد أن سكتت أصوات المدافع وبردت فوهات البنادق، ودحرت مليشيات الدعم السريع في مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان، علت أصوات الباعة في السوق الكبير،وضجيج آلات صناعة الجلود، وعادت مدينة الدلنج لسابق ايأمها، حيث شهدت الأشهر الماضية عودة عدد كبير من النازحين إلى منازلهم بأحياء الدلنج، بعد تعرضهم لإنتهاكات واسعة قامت بها المليشيا في عدوانها على المدنيين إبان هجومها الغادر.
وبصبر وشغف وزهو يعكف جيش صغير من العمال والحرفيين المهرة على العمل بدأب لترميم المنازل، التي طالتها يد الحرب في الدلنج ، يدفعهم الأمل في إعادة رونقها لتقف مرة أخرى زاهية في المدينة الخضراء .
انتهاكات المليشيا
أرتكبت مليشيات الدعم السريع عند دخولها لمدينة الدلنج جرائم بشعة ضد المدنيين ترقى لجرائم حرب، وقامت بتصفيات عرقية واغتصابات واختطاف لفتيات في أحداث هبيلا والتُكُمة والدلنج في يناير من هذا العام.
وأفاد شهود من نازحي هبيلا لموقع “راديو دبنقا” ، أن قوات الدعم السريع اختطفت عددًا من النساء عندما دخلت مدينة الدلنج في يناير الجاري ومن بينهن أم لرضيع عمره خمسة أشهر، حيث تم اقتيادها إلى مدينة الدبيبات قبل الافراج عنها بعد أسبوع من الاختطاف.
وأكدت المختطفة إنها كانت ضمن مجموعة أخرى من الفتيات كن في سيارة أخرى وتم اقتيادهن إلى (الدبيبات) وروت الضحية أنه تم إعادتها بواسطة الإدارات الأهلية عبر مدينة أبوزبد وقرية انجمينا ومنها إلى مدينة الدلنج.
واكد شهود من نازحي هبيلا تصفية (7) من أبناء أهالي (شاد) وعدد من أبناء (الكواليب) من بينهم أسرى من الشرطة.
وكشفت تقارير صحفية، ان هجوم المليشيا على منطقة هبيلا والقري من حولها ادي الي إختطاف (13) من النساء والفتيات، كما هاجمت قري (التردا، الزلطاية/التنقل/ وطأ/ فيو/ وقردود ابو الضاكر)،، وحرقت قرية فيو والزليطاية وقتل (60) شخصا ، وجرح (24) اخرين و (52) في عداد المغقودين بالقريتين في يوم واحد .،وبلغ إجمالي الجرحى والقتلى من المواطنين بالقرى ال (7) المنكوبة (136) شخصا.
تقارير النزوح
وأدت المواجهات التي اندلعت في مدينة الدلنج، بين الجيش والحركة الشعبية من جانب ومليشيات «الدعم السريع»، إلى نزوح نحو “22 الف مواطن”، فروا من القتال والرصاص والقصف المدفعي الذي أزهق حياة عدد كبير من آلمدنيين الأبرياء
ووفقاً لتقديرات تقرير النزوح بمحلية الدلنج والذي أعدته لجنة حصر حكومية ، فقد أوردت اللجنة في تقريرها الداخلي بتاريخ التاسع من مارس2024م ، وان عدد النازحين من هبيلا والقري التي من حولها نتيجة لهجوم مليشيات الدعم السريع علي تلك المناطق بلغ (22.215) الف شخص.، حيث بلغ عدد النازحين من منطقة كرتالا والقري التي حولها (2،150) الف نازح وتضم تلك المنطقة نازحين من قري كرتالا وهبيلا ومن قري مناطق “الكواليب، دلامي” وما حولها من قرى.
وبحسب اللجنة فإن عدد النازحين الي منطقة حجر جواد (4،590) شخص، والكرقل (350) شخص ، بينما بلغ عدد النازحين من القري التي تقع شمال هبيلا بين منطقة هبيلا والدبيبات (10000)نازح، والنازحين من قرية الظليطاية (1،189) نازح ، وقرية وطأ (412) نازح وقرية فيو (331) نازح ، وقرية قردود ابو الضاكر (963) نازح وكرندي (721) نازح والتنقل (874) نازح وكركراية (875). ليكون إجمالي النازحين بحسب لجان الحصر الحكومية عدد ( 22،215) ألف نازح..
نداء العودة
انتهت المعارك في مدينة الدلنج، مما أفسح المجال لعودة الاسواق الصغيرة للعمل، فأًصبحت توفر بعضا مما يحتاجه السكان، وتسير حركة البيع والشراء تدريجيا نسبة لارتفاع الأسعار
وقد بدات اعداد كبيرة من النازحين العودة إلى احيائهم ومنازلهم ،وأعلن المدير التنفيذي لمحلية الدلنج إبراهيم عبدالله، عن عودة الآف النازحين إلى احيائهم في المدينة
و أكد ابراهيم ، في بيان تعاون وتضامن القوات المسلحة والجيش الشعبي والقوات النظامية الأخرى في حماية سوق المدينة من السرقات والنهب وحفظ الأمن.
وطالب عمر التجار بفتح المحال التجارية، داعيًا بقية المواطنين العودة إلى منازلهم بعد أن تم «دحر امليشيات الجنجويد منها »،كما أصدرت المحلية قرارًا بمنع ترحيل المواد الغذائية إلى خارج المحلية تجنبًا لحدوث ندرة في المواد والسلع الاستراتيجية
عودة المواطنين
المواطن عبدالباسط خميس من حي “قادرة” حمل ابنته فوق دراجته الهوائية، بينما سار ما تبقى من أفراد عائلته مشيا نحو منزل أقارب لهم في حي “حجر جواد” .
بمشاعر صعبة يشرح خميس : “كان الأمر صعبا، عشنا أيام رعب وخوف شديدين أنا وعائلتي، كانت حياة صعبة للغاية منذ نزوحي من منزلي ثاني ايام عدوان” الجنجويد” على الدلنج، حيث نزحت إلى منزل أهلي بمنطقة” حجر جواد”
وأضاف لـ”الكرامة” : “مع انتهاء معارك الدلنج وتوقف القتال، تنفست الصعداء، وعدت إلى مكان سكني منذ شهر لأتفقد ما بقي من منزلي بسبب القصف. الحمد لله أننا بخير”.
وأوضح أن الكثير من النازحين فقدوا أحباءهم، وأجبروا على النزوح وهُجروا من منازلهم ومزارعهم ومصالحهم التجارية، وكانوا عرضة للاستهداف من مليشيا الدعم على مدار الساعة خلال الشهور الماضية.
ومن جانبها، تعيش أم الرشيد و7 فرداً من عائلتها في منزلهم المتضرر من الحرب، والمؤلف من “3” غرف في حي المعاصر بمدينة الدلنج. وعلى الرغم من الخراب، تقول بأنها محظوظة لأن منزلهم ما زال قائماً في حين حرقت ودمرت منازل مجاورة أخرى.
،وعندما اندلعت معركة الهجوم على المدينة الدلنج في يناير الماضي، أمضت أم ألرشيد البالغة من العمر 42 عاماً وعائلتها أيام مرعبة في طريق نزوحهم لجبال “المورنج” على بعد حوالي 25 كيلومتراً. وتتذكر قائلةً بأنه لم يكن هنالك وسيلة مواصلات وقطعنا مسافات طويلة سيراً على الاقدام، وكنا خايفين جداً من دوي الزصاص
وكان للجو البارد في جبال “المورنج” تأثير سلبي على ابني الذي يعاني من امراض في الصدر. وفي 15 أبريل ، أي بعد شهرين اوتزيد من انتهاء معركة المدينة، عدنا إلى منزلنا لتقييم الضرر بعد إمضاء شهرين في “قطية صغيرة” .
تشرح أم الرشيد لـ”الكرامة” :عدنا إلى” المعاصر ” لأنه كان من الصعب على ابني أن يعيش في” كوخ صغير “، وهو يعاني من مشاكل صحية.”
لدى عودتهم، رأوا الدمار حيث كانت واجهة المنزل مهدمة. ولكن بعدما تمكنوا من الدخول، وجدوا أن أثاث المنزل وممتلكاتهم ما زالت في الداخل على عكس جيرانهم- بما أن الحطام منع السارقين من الدخول.
واكدت لـ”الكرامة” ، انها تشعر اليوم براحة نفسية بعد عودتها لمنزلها، وبشيء من الامان، متمنيةً ان تنتهي الحرب في السودان وان تعش جنوب كردفان في محبة وسلام.