الفاشر.. هل تعبد الطريق الى جدة؟!!
الكرامة: هبة محمود
يبدو ان منحى اخر تسلكه الأطراف الدولية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ومجلس الأمن من خلال تفاقم الاوضاع الإنسانية في إقليم دارفور، و الحصار الذي تطبقه مليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر شمالي الإقليم منذ اسابيع لاتخاذه أداة للضغط بهدف العودة إلى طاولة المفاوضات.
فمنذ الحصار على الفاشر وبيانات الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، تحمل تحذيرات من سوء الأوضاع في دارفور، مع دعوات للطرفين للعودة إلى التفاوض.
وقد وصف أمس نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان طوبي هارورد، الوضع في مدينة الفاشر ب”الكارثي” مؤكدا أن مناطق كثيرة في دارفور تقف على حافة المجاعة، مشددا على انه من الضروري أن يجمع الوسطاء الأطراف المتحاربة ومؤيديهم على طاولة المفاوضات، فيما سبقت تصريحات هارورد تصريحات للمبعوث الامريكي توم بريليو، أمام مجلس الشيوخ الامريكي، مساء الاربعاء الماضي، بشأن الدعم السريع، حيث قال انهم من حيث تاريخها ومستقبلها لا يرون نفس ما يرونه في القوات المسلحة، وأنهم يعتقدون أن الحل في الاندماج الكامل لهذه القوات في جيش محترف متكامل، ما يفتح باب التساؤلات حول إمكانية ان تحقق “الفاشر” مساع الأطراف الدولية في فرض سلام بالسودان، وان تكون بداية العودة للتفاوض، والتزام المليشيا بمخرجات منبر جدة؟
اشتراطات
تداعيات الأحداث ووتيراتها المتسارعة في السودان منذ اندلاع القتال، ابريل من العام الماضي، جعل الأطراف الدولية تبحث بصورة او بأخرى، عن ايجاد صيغة مناسبة لإيقاف الحرب، غير ان عدم التزام المليشيا باشتراطات الجيش في المفاوضات بالخروج من الأعيان المدنية ومنازل السكان والمرافق الحكومية والمستشفيات، كان المحك في عدم نجاح المفاوضات.
وينظر كثير من المراقبين، إلى انه على مليشيا الدعم السريع، تنفيذ مخرجات منبر جدة، لإيقاف الحرب، غير ان المليشيا مازالت ترى وتزعم ان فيما تمارس من انتهاكات، شرعية على الجيش ومحاولة لإعادة الديمقراطية.
ووفق المتابعات فان الميسرين في منبر جدة يسعون إلى إنجاح جولة المفاوضات المتوقعة هذا الشهر، وتحقيق اختراق.
اختراق ملموس
وبحسب عضو الهيئة القيادية لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) معتز محمد صالح ل”الترا سودان”، فإن الأطراف الدولية حددت 18 مايو الجاري موعدا مبدئيا لاستئناف المفاوضات بين الجيش والدعم السريع.
وأوضح صالح أن الميسرين في منبر جدة ربما يعكفون على إجراء نقاشات أولية تسبق المفاوضات الرسمية، مشيرًا إلى أن السعودية والولايات المتحدة الأميركية تسعيان إلى إنجاح جولة المفاوضات هذه المرة وتحقيق اختراق ملموس.
َوفي مقابل تصريحات صالح يرى مختصون في الشان السياسي أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في سقوط مدينة الفاشر انهيار لمنبر جدة، ما جعلها تسارع لتحديد موعد مع إطلاق تحذيرات بشأن فرض عقوبات على الجهات الداعمة للحرب.
والأربعاء الماضي شدد بيرييلو أمام مجلس الشيوخ الامريكي على أن الولايات المتحدة الأميركية ستفرض المزيد من العقوبات على الأفراد والمؤسسات التي تمول الحرب فيما اكد على الالتزام بالانخراط في منبر جدة.
حرب وجودية
وفي الاثناء يرى المحلل السياسي محجوب محمد ان الفاشر من الممكن أن تحقق مساع المجتمع الدولي في احداث سلام بالسودان، لكن مع ضرورة التأكيد على تنفيذ مطلوبات الجيش في منبر جدة َهو التزام المليشيا بالخروج من مساكن المواطنين والمستشفيات والمرافق الحكومية.
واشار في حديثه ل “الكرامة” إلى ان الكرة في ملعب مليشيا الدعم السريع، أن كان يريد السلام وإيقاف الحرب، غير أن القضية أكبر مما يتخيل المجتمع الدولي وان المليشيا تتلاعب به وتسعى لتحقيق دولة بمساندة كأطراف دولية.
وتابع: الدعم السريع اذا اراد تحقيق سلام لكان إلتزم بمخرجات منبر جدة، وان كان يريد ديمقراطية لما فعل بالمواطنين ما فعله من انتهاكات، لكن هذه حرب وجودية، اما ان يكون فيها السودان او لا يكون.
تداعيات
وقال نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان طوبي هارورد ان الوضع في مدينة الفاشر شمال دارفور “كارثي” ومناطق كثيرة في دارفور تقف على “حافة المجاعة”مبينا ان اندلاع أي قتال بين الأطراف المتحاربة من أجل السيطرة على الفاشر ستكون له تداعيات مدمرة على المدنيين المقيمين هناك
وزاد: من الضروري أن يجمع الوسطاء الأطراف المتحاربة ومؤيديهم على طاولة المفاوضات وأن يضعوا حداً للحرب.
ويذهب استاذ العلوم السياسية الطيب محمد إلى أن التفاوض وإنهاء الحرب امر مطلوب، لكن تفاوض يخرج الدعم السريع من منازل المواطنين، إلى مناطق متفق عليها مع الجيش والانضمام إلى صفوفه، وفق مخرجات منبر جدة، لا ان يكون تفاوض يجعل هذه المليشيا ضمن منظومة العمل السياسي في البلاد مرة أخرى.
وأضاف: تقدم وحلفاؤها في المنطقة يدفعون بقوة للذهاب إلى طاولة التفاوض للعودة إلى المشهد مجددا مع تسويق جديد للدعم السريع وجعله موجودا، ولذلك انا اعتقد انه لا الفاشر ولا غيرها يمكن يحققوا سلام في السودان، سوى التزام الدعم بمخرجات منبر جدة ولا انها ستكون محاولات والسلام.
وتابع: ان رضخ الجيش لأي ضغوط او خلافه تجعل الدعم السريع موجود كمنظومة قائمة، بعد كل الذي قام به من انتهاكات، فإن الشعب السوداني لن يقبل.