حمدوك و قيادت تقدم.. من (ملهمين) إلى (متهمين)

الكرامة:هبة محمود
في وقت تعد فيه تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” نفسها للمشاركة قيادات متهمة بتأجيج الحرب في السودان ومُطالبة للمثول إلى القضاءفي مفاوضات منبر جدة بين الجيش و مليشيا الدعم السريع، في ال18 من ابريل الجاري وفق ما صرح به المبعوث الامريكي الخاص للسودان، توم بيرييلو، اصدر النائب العام مولانا الفاتح طيفور، امس الاول أوامر قبض في مواجهة قيادات التنسيقية في قائمة أولية شملت، د.عبد الله آدم حمدوك، وبقية القيادات البارزة على رأسها ياسر عرمان.
وفيما انقسم كثيرون حول قرار النائب العام في ظل مساع سياسية لإيقاف الحرب عبر دفع الجيش و المليشيا لطاولة التفاوض، تقف ذاكرة الأحداث عند حجم التغييرات الكبيرة في شعبية حمدوك وقيادات التغيير، التي تحولت من قيادات وطنية ثورية مخلصة إلى “قيادات مؤججة للحرب” فيما تحول حمدوك من “الملهم والمؤسس” إلى “المتهم” فيكف كان التغيير؟!
تحولات
تحولات كثيرة اعترت القوى السياسية القائدة للتغيير، منذ صبيحة الحادي عشر من أبريل  2019، عقب سقوط نظام البشير، دفع بها بعد نحو 5 اعوام من قيادات وطنية مخلصة مطالبة بالحرية، إلى قيادات متهمة بتأجيج الحرب في السودان ومُطالبة للمثول إلى القضاء، في قرار انقسم حوله كثيرون.
وينظر متابعون إلى أن قوى الحرية والتغيير “قحت” او تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” وكلاها مسميات لذات التحالف بدأت تتهاوى عقب سقوط النظام 2019، حيث انها لم تكن تملك خطة معينة لإدارة الدولة بعد البشير، ما جعل مجموعات بعينها داخل التحالف تعمل على اختطاف القرار، والتحدث نيابة عن الآخرين
وظلت الصراعات مستمرة داخل التحالف دون رؤية محددة، أدت إلى تصدعات وانقسامات كبيرة، فيما ظلت القوى المختطفة للقرار تواصل سيطرتها سعيا للانفراد بالسلطة بعيدا عن العسكر.
تعطش للحكم
ويرى مراقبون ان قوى الحرية كان هدفها الأساسي هو الوصول للحكم بعد عقود ثلاث من التعطش له، ما جعلها تستغل ثورة الشباب ذريعة لها، وقد تبين ذلك من بعد وصولها للحكم.
وقال المحلل السياسي محجوب محمد ان قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، كانت على استعداد لفعل اي شئ للسيطرة الحكم حتى وان اشعلت الحرب عبر إثارة الفتنة بين البرهان وحميدتي.
وأكد في حديثه ل”الكرامة” ان هذه القوى استخدمت مليشيا الدعم السريع رافعة لها للاطاحة بالجيش، ظنا منها انها بما تمتلك من أموال وعتاد حربي ستكون مهمتها سهلة، رغم أنها كانت ترفع شعار الجيش للثكنات الجنجويد ينحل.
وتابع: هذه القوى سقطت من نظر الشعب السوداني قبل اندلاع الحرب والجهات الداعمة لها هي اما جهات تابعة لها او اخرى مناوئة للجيش، غير ان بداية السقوط الحقيقة كانت بالتحالف مع الدعم السريع حينما صرح ياسر عرمان بعبارته الشهيرة بأن قوات الدعم السريع تصلح بان تكون النواة الحقيقة للجيش.
منظار تشريح
في مقابل ذلك يضع مختصون سياسيون شعبية د. دكتور عبدالله حمدوك الذي حظي بقبول غير منظور في تاريخ السودان منذ الاستقلال كأول رئيس وزراء ينال شعبية بالإجماع دون صناديق الاقتراع، في منظار التشريح.
ويرى محللون سياسيون ان الرجل اضاع فرصة عمره بأحدث تغيير ايجابي وبناء دولة سعى إليها الشباب من خلال اختياره الذي تم وفق ما حملته سيرته الذاتية وقتها.
وقال مختص في الشأن السياسي، ل الكرامة “فضل حجب اسمه” ان حمدوك يمتلك خبرات علمية كبيرة لكنه في ذات الوقت يفتقر للحكنة والعمل السياسي ما جعله يفشل في المهمة أمام الشعب والقوى السياسية التي عجز عن حسمها ما جعله يدفع باستقالته.
وتابع: ما افاد حمدوك ليحظى بهذا القبول الكبير وهو كما هو معروف رفضه المنصب الذي عرض عليه في حقبة الانقاذ وزيرا للمالية، في وقت كان فيه المناخ العام كارها لحكومة الانقاذ، فوضع هذا الرفض حمدوك في خانة الرجل الوطني الأمين الرافض لسياسات الانقاذ وفسادها ومن هنا بدأت حكاية الرجل الملهم والمؤسس لان الآمال المعقودة عليه كانت كبيرة.
وأضاف: بعد ذلك ومن خلال التجربة العملية تبين للجميع بما في ذلك الشارع والشباب، ان حمدوك ليس سوى مشروع غربي يدار بواسطة الغرب الذي يأتمر بأمره، وهو الذي جعله يدفع باستقالته وهو الذي يسعى لاعادته للمشهد مرة أخرى عبر قيادة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية وتوقيع اتفاق مع المليشيا ليتحول من مؤسس إلى مطالب قانونيا.
قوائم المطلوبين
والأربعاء الماضي أصدر النائب العام السوداني مولانا الفاتح طيفور، امس الاول أوامر قبض في مواجهة قيادات التنسيقية في قائمة أولي شملت، د.عبد الله آدم حمدوك، ياسر سعيد عرمان، خالد عمر يوسف، عمر يوسف الدقير، بابكر فيصل، طه عثمان إسحق، محمد الفكي سليمان، سليمان صندل، شوقي عبد العظيم، ماهر أبو الجوخ، رشا عوض، الصادق الصديق المهدي، زينب الصادق المهدي، مريم الصادق المهدي، الواثق محمد أحمد البرير، جعفر حسن، محمد حسن عثمان.
وامس الخميس شملت القائمة الثانية كلا من ايهاب الطيب، وجدي صالح، عروة الصادق الطاهر بابكر، فضل الله برمة ناصر، نصر الدين مفرح، صلاح مناع، الطيب عثمان، إبراهيم الميرغني، محمد الحسن البوشي، صباح محمد الحسن، إبراهيم بقال، عبد المنعم الطاهر “الربيع”، علي الريح السنهوري، نصر الدين عبد البارئ، محمد عصمت أسامة سعيد، الهادي إدريس  حنان حسن، خالد شاويش، هشام علي محمد علي.

القانون والسياسة
وتتهم جهات موالية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية المدنية” تقدم “، الحكومة بإصدار قرار التوقيف بناء على دوافع سياسية وليست قانونية،
وبحسب الأكاديمي والمحلل السياسي د. محمد عثمان عوض الله؛ فان القرار الذي اصدره النائب العم بتوقيف قيادات تقدم، هو قرار مهني من حيث المبدأ ليس لديه اي دوافع سياسية وان كان مرتبط بالسياسة لكنه قرار مهني  في حق الوطن.
ويرى عوض الله خلال حديثه ل “الكرامة ” انه لابد من
ان يكون هناك احترام للوطن ولسيادته ولكل من يتعدى عليه بالخيانة، مؤكدا أن المواد التي أصدر بشأنها توقيف هذه المجموعة هي مواد قانونية و ليست مواد سياسية ويجب أن يتساوى الناس امام القانون خاصة القيادات في الدولة.
وأضاف: حمدوك كان في يوم ما رئيس وزراء والآخرين كانو وزراء و إذا هم نفسهم لم يحترموا أجهزة الدولة ولم يحترموا قرارها وقانونها ففي هذه الحالة لن يكونو مؤتمنين على الدولة، لانه لا يمكن ان يكون القانون مسلط فقط على الضعفاء و لا يطبق على عالية القوم.
وتابع: الادانة المهنية عن طريق المؤسسات لم تصدر بعد ولديهم الحق في الوقوف أمام هذه المؤسسات ليدافعو عن أنفسهم بحرية كاملة ويثبتو براءتهم او تثبت عليهم التهمة، ذلك انا ارى ان التعويل الإعلامي على أن القرار سياسي هو السياسية ضار جدا ويعطي رسائل ضارة.
واكمل: اذا كان هؤلاء معنيين بتطبيق القانون فالان جاء المحك الحقيقي في ان يكونوا على قدر المسؤولة وان يحترموا مؤسسات الدولة.