(تقدم).. الهروب من الانتخابات
(تقدم) .. الهروب من الانتخابات
تقرير : هبة محمود
أثارت تصريحات مساعد قائد الجيش الفريق اول ركن ياسر العطا امس الاول حفيظة بعض القوى السياسية على رأسها تنسقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”؛ وهو يعلن رفض الجيش تسليم السلطة للمدنيين إلا عبر صناديق الاقتراع عقب فترة انتقالية، يرأسها قائد القوات المسلحة الفريق اول عبدالفتاح البرهان متوعدا بمحاسبة اي عميل واي خائن دعم وساند الدعم السريع مهما كانت قامته او اسمه أو جماهيره، مشددا على أن الجماهير اليوم كلها تدافع عن ارضها عرضها.
وانتقدت قيادات بارزة في تنسيقية تقدم؛ بالإضافة لمكونات سياسية أخرى موالية لها وايضا مليشيا الدعم السريع تصريحات العطا واعتبرتها محاولة لتكريس وهيمنة العسكر على حكم البلاد، فيما اعتبر مراقبون ان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، تخشى صناديق الاقتراع ما جعلها تستخدم الدعم السريع كرافعة عسكرية لتنفيذ رغباتها وكذا سعيها منذ اندلاع الحرب لمحاولة تنظيم صفوفها من جديد وترتيب قواعدها توطئة لقيادة الفترة الانتقالية التي تلي انتهاء الحرب وتحقيق مصالحها.
نقطة فارقة :
لقد ظلت الفترة الانتقالية عقب سقوط نظام البشير 2019، تمثل نقطة فارقة للكثير من للقوى السياسية بعد عقود ثلاث من حكم الانقاذ، خاصة الاحزاب التي لا تمتلك قواعد جماهيرية تمكنها من حكم البلاد عبر صناديق الانتخابات، ما جعل الضغط في اتجاه تكوين فترة انتقالية طويلة هو الأنسب لهذه القوى.
ويرى متابعون للمشهد السياسي ان قوى الحرية والتغيير رغم وجود أحزاب جماهيرية كبيرة تحت مظلتها مثل حزب الأمة القومي وقوى محسوبة على اليسار الا ان صناديق الاقتراع تمثل هاجسا بالنسبة لهذه الاحزاب، وذلك وفق ما يقتضيه المزاج السوداني ورغبته في التغيير بوجوه ودماء جديدة وليس أحزاب تقليدية متعارف عليها منذ الاستقلال متعطشة للسلطة وليس مصلحة الشعب.
وفيما ظلت ترفض قوى الحرية والتغيير تلك الاتهامات مشددة على أنها تمتلك برنامجا اصلاحيا يتطلب تنفيذه عددا من السنوات الا ان الخلافات فى ما بينها كانت تتسع يوما بعد يوم بسبب صراعات داخلية أدت إلى انقسامات كبيرة جراء تسلط أربعة أحزاب على القرار واقصاء القوى الأخرى ما جعل قوى الثورة نفسها و تنسيقيات لجان المقاومة بالإضافة للشعب السوداني يخلصون إلى أن تلك الاحزاب تهدف إلى السلطة دون شرعية مدنية واسعة مخافة من صناديق الاقتراع.
التحول المدني
وجددت امس الأول تصريحات الفريق ياسر العطا هذه المخاوف داخل تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، التي تسعى لاستعادة الحكم المدني عقب إنهاء الحرب قبل أن يوصد الباب امامها معلنا رفض الجيش تسليم السلطة للمدنيين إلا عبر صناديق الاقتراع عقب فترة انتقالية، يرأسها قائد القوات المسلحة.
واتهم خالد عمر يوسف القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، الجيش بتماهييه مع مشروعاته حيث زاغ قلبه وبصره وعقله لاجهاض التحول المدني الديمقراطي وإستلام الحكم في البلاد، مؤكدا أن تصريحات العطا عن السلطة تكشف عن حقيقة جانب من أهداف الحرب، وهو ترسيخ سلطة عسكرية استبدادية، وقطع الطريق أمام أي تحول مدني.
واظهر مقطع فيديو متداول للفريق ياسر العطا خلال حديث لقيادات تنسيقية القوى الوطنية امس الاول مقسما بالله ثلاث بان الجيش لن يسلم الحكم إلا لحكومة مدنية عقب فترة انتقالية يقودها البرهان نفسه، متوعدا بمحاسبة اي عميل واي خائن، قال انه بأنه سيعامل معاملة الجنجويد لأنه دعمهم وساندهم مهما كانت قامته او اسمه أو جماهيره مشددا على أن الجماهير اليوم كلها تدافع عن عرضها.
سلسلة مؤامرات
واعتبر خالد عمر خلال تصريحات له على منصة إكس، ان الحرب تعتبر امتدادا لسلسلة طويلة من المؤامرات والتعديات لقطع الطريق أمام ثورة ديسمبر، مؤكدا إن القوى المدنية ستظل ضد هذه الحرب، ولن تنحاز لأي شكل من أشكالها أو طرف من أطرافها.
وأضاف بأن هذه الحرب تعتبر امتدادا لسلسلة طويلة من المؤامرات والتعديات لقطع الطريق أمام ثورة ديسمبر المجيدة؛ بدأ من فض اعتصام القيادة العامة، مروراً بالتآمر على الفترة الانتقالية وخنقها باثارة الاضطرابات الامنية في ارجاء البلاد وقفل شرق السودان واعتصام القصر مدفوع القيمة، وصولاً لانقلاب 25 أكتوبر وما تلاه من قمع للثوار واعتقالات تعسفية، انتهاءاً بحرب 15 ابريل التي تتكشف حقيقتها يوماً بعد يوم.
وتابع: تأمل في هذا المسار وسترى بوضوح من امسك على جمر قضية الانتقال الديمقراطي وخاض معاركه، ومن زاغ قلبه وبصره وعقله وتماهى مع مشروعات اجهاض التحول المدني الديمقراطي بوعي أو دون وعي..
رافعة عسكرية
ويرى في مقابل ذلك الأكاديمي و المحلل السياسي د. محمد عثمان عوض الله ان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم لا تريد قيام الانتخابات لأنها تعلم انها لن تأتي بها للحكم مجددا.
ويؤكد عوض الله ل ” الكرامة” ان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في سبيل الوصول للحكم استخدمت الدعم السريع الذي تمثل الجناح السياسي له رغم نفيها لذلك رافعة عسكرية لها واستغلت بندقيته لتحقيق مطالبها ووصاياها مشيرا إلى ان جميع قيادات تقدم في الفترة الأخيرة ظلت في حالة انتقاد دائم لكل ما يتعلق بالجيش وتصريحاته وتبخيس انتصاراته في صراع واضح و تعلية لخطاب الكراهية ما جعلها تنحرف عن العمل السياسي وفق قوله.
وفي مقابل ذلك تنظر مجموعات كبيرة لضرورة ان يتولى الجيش مهام الفترة التقالية واعمار البلاد واستباب الأمن لأنها قضايا تتطلب وجود عسكري أمني لكن لا يعني ذلك أن يسمح للجيش بإدارة حكم البلاد.
سلطة من العسكر
وتساءل في ذات المنحى القيادي في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “ياسر عرمان” معلقا على تصريحات العطا “من ينتظر سلطة من العسكر” ؟
وكتب عرمان على حسابه في منصة فيسبوك امس الاول “في لحظة صدق نادرة أفصح الفريق أول ياسر العطا في خطابه اليوم عن الأهداف الحقيقية لهذه الحرب، ونوايا الذين يقفون من خلفها، فهي لم تكن يوماً من أجل الكرامة أو الوطن، بل من أجل استعادة السلطة والجاه من قبل الإسلامين ومنسوبيهم، وحلفائهم من كبار الضباط.
وشدد على ضرورة العمل من أجل وقف الحرب أولاً،ودون ربطها بالعملية السياسية في هذا التوقيت، وبمشاركة فاعلة من المدنيين وقوى التغيير، وليس كما جرى في المنامة ومنبر جدة بمعزل عنهما مؤكدا على انه يجب يجب الفصل بين أي مفاوضات لوقف إطلاق النار والعملية السياسية.
اعتراف العطا
من جانبه يرى الصحفي والمحلل السياسي عبد الله آدم خاطر ان الحرب الحالية وفي الاطار الذي هي فيه سوف تنتهي في إطار المبادئ الدستورية وباحماع المجتمع الدولي ومن هذه الناحية ليس هناك مخاطر على مستقبل السودان مؤكدا إن بناء الدولة يأتي عبر وقف الحرب و النزاع ومن ثم مرحلة وضع المبادئ الدستورية وان هذا العمل لا تقوم به أحزاب ولكن عبر مفكرين من واقع تجارب الدول المماثلة.
ويؤكد خاطر خلال حديثه ل الكرامة؛ ان المهم في تصريحات العطا انه يحوي اعتراف بان الجيش سوف يسلم السلطة وهذا هو المهم منوها إلى أن مسألة السيطرة الأمنية تعتبر جزءا من مسألة العقدة بالنسبة للقوى السياسية لكن في ظروف الانتقال بكون الأمن هو الحلقة الاضعف ولكن يجب أن تكون سلطة امنية في صالح المواطن ولاجل بقائه والحفاظ عليه وليس سلطة امنية للتحكم.
وتابع : للأسف الاحزاب التي ورثت الحكم منذ الاستقلال جميعها أحزاب ارتبطت بالخارج وليس المواطن لذلك فان المواطنين بحاجة لعقول جديدة سياسية ونقابية مرتبطة بالانتاج ما يتوجب علينا أن لا تقفز فوق هذه المرحلة التي تعتبر بداية تأسيس حقيقي..
وأضاف: ستشهد المرحلة المقبلة فك تسجيلات نهائية هناك أحزاب سوف تختفي واخرى تندمج واخرى ستاخد شكل جديد لكن بكل تأكيد نحتاج لقيادة سليمة.