مرصد عالمي: مدينة غزة تعاني رسميا من مجاعة ربما يتسع نطاقها
reuters_tickers تم نشر هذا المحتوى على 22 أغسطس 2025 – 18:37 9دقائق من ميشيل نيكولز الأمم المتحدة (رويترز) – أعلن مرصد عالمي للجوع يوم الجمعة أن مدينة غزة والمناطق المحيطة بها تعاني رسميا من مجاعة من المرجح أن يتسع نطاقها، في تقييم من شأنه أن يزيد الضغط على إسرائيل من أجل السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع الفلسطيني. وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، إن 514 ألفا تقريبا، أي ما يقرب من ربع سكان قطاع غزة، يعانون من المجاعة وإن من المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 641 ألفا بحلول نهاية سبتمبر أيلول. ويعيش نحو 280 ألفا تقريبا من هؤلاء في المنطقة الشمالية بالقطاع التي تضم مدينة غزة، المعروفة بمحافظة غزة، التي يقول التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إنها في حالة مجاعة بالفعل، بعد الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس). وتلك هي المرة الأولى التي يرصد فيها التصنيف وجود مجاعة خارج قارة أفريقيا. وتوقع أن تمتد المجاعة إلى دير البلح في وسط القطاع وخان يونس في الجنوب بنهاية الشهر المقبل. وذكر التصنيف أن الأوضاع في الشمال قد تكون أسوأ منها في مدينة غزة لكن صعوبة الحصول على البيانات حالت دون أي تصنيف دقيق. وسبق لرويترز أن نشرت تقريرا عن صعوبة حصول المرصد على البيانات اللازمة لتقييم الأزمة. وقال منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر “كان بإمكاننا منع هذه المجاعة إذا سُمح لنا بذلك… الأغذية تتكدس على الحدود بسبب العرقلة الممنهجة من إسرائيل”. ورفضت إسرائيل النتائج التي خلص إليها المرصد ووصفتها بأنها مغلوطة ومتحيزة وقالت إنه اعتمد على بيانات منقوصة قدمت أغلبها حركة حماس ولم يأخذ في الاعتبار تدفق كميات كبيرة من الأغذية على القطاع في الآونة الأخيرة. ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تقرير المرصد بأنه “كذبة صريحة”. وقال في بيان “إسرائيل لا تنتهج سياسة تجويع… بل لديها سياسة لمنع المجاعة. منذ بداية الحرب، سمحت إسرائيل بدخول مليوني طن من المساعدات إلى قطاع غزة، أي ما يزيد على طن واحد لكل فرد”. ولتصنيف منطقة على أنها في حالة مجاعة بالفعل، يجب أن يعاني 20 بالمئة على الأقل من السكان من نقص حاد في الغذاء وطفل من كل ثلاثة أطفال من سوء تغذية حاد، ويموت شخصان من بين كل عشرة آلاف يوميا بسبب الجوع أو سوء التغذية أو المرض. ومن قبل، أعلن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن مجاعات في الصومال وجنوب السودان والسودان. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في بيان إن المجاعة في غزة هي “كارثة من صنع الإنسان، ووصمة أخلاقية وإخفاق للإنسانية نفسها”. ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن كل الرهائن والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون أي عوائق. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك يوم الجمعة إن الوفيات الناجمة عن الجوع قد تمثل جريمة حرب. وذكر مكتب تورك في يونيو حزيران أن تحويل الغذاء المقدم للمدنيين في غزة “إلى سلاح” يُشكل جريمة حرب، وأكد أن المحكمة هي من ستحدد ما إذا كانت إسرائيل مذنبة بارتكاب مثل هذه الجريمة. وترفض إسرائيل تهم ارتكاب جرائم حرب في غزة. * فشل دبلوماسي تسيطر إسرائيل على كل نقاط الدخول لقطاع غزة. وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق يوم الجمعة إن تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي تجاهل بيانات إسرائيلية عن إيصال المساعدات وهو بذلك جزء من حملة دولية تهدف لتشويه سمعة إسرائيل. وأضافت في بيان “تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي ليس متحيزا فحسب بل أيضا يخدم حملة الدعاية التي تروج لها حماس”. وفي إسرائيل، سلطت المواقع الإخبارية الناطقة بالعبرية الضوء على تقرير المجاعة على صفحاتها الأولى، إذ ركزت صحيفة هآرتس الليبرالية على شدة المجاعة في مدينة غزة بينما أكدت يسرائيل هيوم والقناة 12 الإخبارية وواي نت رفض إسرائيل للتقرير ووصفته بالتحيز وعبرت عن مخاوفها من التداعيات الدبلوماسية المحتملة. وأكدت بريطانيا هذه المخاوف، ووصفت التقرير بأنه “مروع للغاية” وطالبت إسرائيل بالسماح فورا بدخول إمدادات الغذاء والأدوية والوقود دون عوائق. وجاء تحليل المرصد العالمي للجوع بعد أن قالت بريطانيا وكندا وأستراليا والعديد من الدول الأوروبية إن الأزمة الإنسانية في القطاع وصلت إلى “مستويات لا يمكن تصورها”. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي “رفض الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول مساعدات كافية إلى غزة تسبب في هذه الكارثة الإنسانية. إنها فضيحة أخلاقية”. وأعلنت بريطانيا وكندا وأستراليا ودول أوروبية كثيرة في الآونة الأخيرة أن الأزمة الإنسانية وصلت إلى “مستويات لا يمكن تصورها”. ولطالما اعتمدت إسرائيل على الولايات المتحدة، أقوى حلفائها، للحصول على المساعدات العسكرية والدعم الدبلوماسي. وأظهر استطلاع رأي أجرته رويترز/إبسوس ونشر قبل أيام أن 65 بالمئة من الأمريكيين يعتقدون أن على الولايات المتحدة مساعدة من يتضورون جوعا في قطاع غزة. وسيكون تآكل الدعم الشعبي الأمريكي مؤشرا مقلقا لإسرائيل التي لا تواجه حركة حماس في قطاع غزة فحسب لكنها في صراع لم يحسم بعد مع إيران الخصم اللدود في المنطقة. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الشهر الماضي إن كثيرين في غزة يتضورون جوعا في موقف يتعارض مع موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال مرارا إنه لا يوجد تجويع. * تصنيف المجاعة قال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إن التحليل الذي صدر يوم الجمعة لا يغطي إلا من يعيشون في محافظات غزة ودير البلح وخان يونس. ولم يتمكن من تصنيف الوضع في محافظة شمال غزة بسبب قيود على الوصول للمنطقة ونقص البيانات كما استبعد السكان الباقين في منطقة رفح جنوب القطاع لأنها باتت غير مأهولة إلى حد كبير. وتشكو الأمم المتحدة منذ فترة طويلة من عقبات تواجه إدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها في غزة وعزت تلك العوائق إلى القيود التي تفرضها إسرائيل وانعدام الأمن. وتنتقد إسرائيل العمليات التي تقودها الأمم المتحدة وتتهم حركة حماس بسرقة المساعدات وهو ما تنفيه الحركة. وتلك هي المرة الخامسة خلال 14 عاما التي يعلن فيها التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن رصد مجاعة في العالم. وهذا المرصد هو مبادرة تشارك فيها 21 منظمة إغاثة ووكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إقليمية بتمويل من الاتحاد الأوروبي وألمانيا وبريطانيا وكندا. وبدأت الحرب في قطاع غزة بعد أن قادت حركة حماس هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023. وتقول إحصاءات إسرائيلية إن ذلك الهجوم أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز 250 رهينة تقريبا. وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة إن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ ذلك الحين قتلت أكثر من 62 ألفا. وتحاول الولايات المتحدة وقطر ومصر التوسط لوقف الحرب. (إعداد سلمى نجم ومحمد عطية ومحمد علي فرج للنشرة العربية)