حرب السودان.. الجوار ليس آمناً

تقرير :إيمان الحسين عانى السودان من حرب ضارية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع مما أدى إلى تفاقم الأزمات القائمة في البلاد، بما في ذلك عدم الاستقرار السياسي والصعوبات الاقتصادية. وتسبب هذا الصراع في أزمة إنسانية كبرى، تأثرت بعواقبها الدول المجاورة، حيث يفر الآلاف من السودان كل يوم، وفقا لما سجلته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. الأزمة الإنسانية في السودان هي الأكبر في العالم . فكيف انعكست الحرب في السودان بعد عامين على محيطه الإقليمي وهل أثرت على أمنه واستقاره السياسي والأمني والاقتصادي خاصة مع تدفق اللاجئين، مثلما توقع الخبراء والمراقبين ؟ جنوب السودان مهددات أمنية واقتصادية المحامى والمدافع عن حقوق الانسان مزمل الغالى أوضح في حديثه ل(مداميك) أن السودان دولة شاسعة لها حدود مع دول عديدة ، لذلك فإن الحرب أثرت تأثيراً مباشراً على الدول الحدودية المجاورة، وبصورة غير مباشرة على دول الإقليم. دولة جنوب السودان كانت الأكثر تأثراً، فكان التأثير مباشراً في مجال النفط الذى يمر عبر السودان. فذلك القطاع واجه التزعزع نتيجة لإنهيار البنية التحتية أو سيطرة الأطراف على مناطق عبور للنفط . لذلك دخلت جنوب السودان في أزمة طاحنة، لأن طرفى الصراع حاول كل منهم استغلال نفوذه  للسيطرة على المناطق، مما أحدث أزمة اقتصادية لدولة جنوب السودان. ثانياً، وفقاً لمزمل الغالي، تدفق اللاجئين والسلاح. ويقول ” دخول عدد كبير من اللاجئين السودانيين لجنوب السودان بحكم التداخل الجغرافي والتقارب الشعبي، وهذا أحدث زيادة في إيجار السكن والاسعار في الأسواق .. وتسرب السلاح والعناصر المسلّحة ..” .اتهامات بتسرب الأسلحة والعناصر المسلحة من السودان مسرح الصراع، لجنوب السودان كانت أيضاً ضمن المهددات التي تشكل خطراً على الدولة الوليدة، الأمر الذي زاد من تغقيد الأوضاع الأمنية . الغالي يقول : ” أحد التأثيرات المباشرة التى انعكست على دولة جنوب السودان، تعليق اتفاقيات السلام، فالسودان كان ضامناً للاتفاقيات التى  تمت في جنوب السودان بين الحكومة هناك بين حكومة جنوب السودان والفصائل المعارضة المقاتلة ، فأحدث الصراع الأمني في السودان تأثيراً كبيراً على الاتفاقيات التى كانت موقعة، خاصة ما بين رياك مشار وسلفاكير، والتي اصبحت الآن معدومة والآن الوضع الأمني في جنوب السودان غاية في السؤ، فضلًا عن الوضع الاقتصادي” . تشاد بين الضغوط اللوجستية والتهديد العسكري الامتدات العرقية والتداخل القبلي ما بين شعبي السودان بدارفور وتشاد، زادت من التوترات داخل الدولة التشادية التي لجأ إليها عشرات الآلاف من الفارين من دارفور، فنشأت بيئة للتجنيد وتهريب السلاح، وحتى الحكومة التشادية اصبحت غير قادرة على التحكم في حركة القبائل المشتركة كما يقول مزمل الغالي، الذي أضاف إنعكاساً آخر من تأثر تشاد بالحرب في السودان، وهو الضغوط اللوجستية والإنسانية من خلال تدفق أعداد هائلة من اللاجئين السودانيين، مما شكّل عبئًا كبيرًا على الدولة . ويقول موضحاً : ” الصراعات التاريخية  ما بين المساليت والعرب، تعقدت في حرب 2023، فالدعم السريع وحلفاؤه من القبائل العربية هاجموا المساليت مما جعل معظمهم يلجأون قسرياً لدولة تشاد التي تأثرت بالضغوط اللوجستية التى تتعلق بالحياة مثل ارتفاع أسعار الإيجارات والمواد التموينية وغيرها بسبب الاعداد الكبيرة من اللاجئين .. ” . وأثر آخر على تشاد وهو  المخاوف الأمنية وزيادة التوترات بين الحكومتين، على خلفية اتهامات من تشاد بتقديم الدعم غير المباشر لبعض المجموعات المعارضة، واتهام الحكومة السودانية لتشاد بتقديم الدعم لقوات الدعم السريع بالسلاح من خلال مطار أم جرس. كما هدد ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة دولة تشاد بشن حرب عليها  باستهداف مطاراتها في الشرق باعتبارها أهداف فاصبحت هنالك مخاوف أمنية من قبل دولة تشاد . يوغندا مخاوف أمنية تاريخية على الرغم من عدم وجود حدود مباشرة بين دولة يوغندا والسودان، لكن العلاقات كانت دوما بين الحكومتين السودانية واليوغندية تتراوح بين التعاون التاريخي والعداءات قبل انفصال دولة جنوب السودان. الحكومة السودانية في الماضي كانت تتهم الحكومة اليوغندية بدعم المتمردين وحاملى السلاح من الحركة الشعبية. ومزمل يوضح : ” هذا جعل قيادات الجبهة الثورية التى كانت تعادى حكومة البشير معظمهم موجود في دولة يوغندا، مما جعل الحكومة اليوغندية تعاني من قلق أمني خاصة مع انتشار مجموعات مسلّحة عبر الحدود الجنوبية ..” . ويشير إلى أن تدفق اللاجئين إلى دولة يوغندا بأعداد كبيرة شكلت عبءً للدولة، وخاصة من الناحية الاقتصادية كالعقارات والمساكن التي ارتفعت اسعارها . افريقيا الوسطى تهريب المال والمقاتلين تأثرت دولة أفريقيا الوسطى تأثيرا مباشراً وغير مباشر أيضاً. فقد نشأت مسارات غير شرعية للتهريب بين الحدود بين البلدين ، خاصة السلاح والذهب. الغالي يقول : ” تدفق السلاح من خلال بيئة مفتوحة للتجارة غير المشروعة، الذهب والسلاح، وأدّى ذلك إلى انفلات أمني داخل أفريقيا الوسطى، بسبب ضُعْف سيطرة الحكومة هناك، ما جعلها اكثر قرباً لتأثيرات الصراع من خلال تهريب المقاتلين والأسلحة ” . كينيا تضرر الأسواق الإقليمية وانقسام المواقف السياسية كينيا الدولة غير الحدودية والمؤثرة والمتأثرة بحرب السودان، تتأثر من خلال تضرر الأسواق الإقليمية وتوقف المشاريع الاقتصادية، وتحديد الاستقرار في المنطقة ومعاناة الأسواق. مزمل الغالي أشار : ” كانت هنالك  بضائع تذهب للسودان عن طريق  منظمة (إيغاد)، وعلى صعيد الموقف السياسي حدثت توترات دبلوماسية بين السودان وبعض دول (ايغاد) من ضمنها كينيا، بسبب موقفها من أطراف الحرب واستضافتها مؤخراً مؤتمر  (تأسيس) الذي يضم قوات الدعم السريع وفصائل مدنية وسياسية بينها الحركة الشعبية، وهذا ما جعل الحكومة السودانية تدخل في صراع دبلوماسي مباشر مع كينيا، باعتبارها داعمة لتلك القوى .. كما أن كينيا استطاعت  عمل  انقسام داخل منظمة (إيغاد)، باعتبار ان بعض الدول المنضوية تحت المنظمة لديها مواقف واضحة، ولكن كان للقيادة الكينية تأثير مباشر على الحكومة الكينية، فخلّقت انقسامات داخل المواقف السياسية في الحكومة الكينية ومواقف سياسية متباينة داخل منظمة (إيغاد) أيضا . إتهامات وتصاعد عدائيات على الصعيد السوداني الرسمي كان بروز العدائيات مع معظم دول الجوار أبرز ما اتصفت به العلاقات بين جيرانه، من خلال التوتر الدبلوماسي المتصاعد، الحكومة السودانية التى تتمثل في الجيش اتّهمت بعض دول الجوار تشاد، يوغندا، جنوب السودان بالتغاضى عن نشاطات الدعم السريع وتسهيل مرور الإمدادات له، وإن تشاد وجنوب السودان تقوم بتحسيّن وتسهيل أنشطة قوات الدعم السريع وقواعدها وتساهم في نقل السلاح. فضلا عن التوترات الدبلوماسية المتصاعدة، مع منظمة (إيغاد) مما عقد جهود الوساطة وأدى إلى فتور في العلاقات الثنائية ما بين الدول .