مئات الألوف يشيعون حسن نصر الله الأمين العام الراحل لحزب الله
reuters_tickers تم نشر هذا المحتوى على 23 فبراير 2025 – 18:14 10دقائق من ليلى بسام وإميلي ماضي بيروت (رويترز) – تجمع مئات الألوف من أنصار جماعة حزب الله اللبنانية يوم الأحد لتشييع الأمين العام الراحل للجماعة حسن نصر الله، مجددين دعمهم وولاءهم للجماعة الشيعية المدعومة من إيران بعد ما يقرب من خمسة أشهر على مقتله في غارة جوية إسرائيلية. وقالت مصادر أمنية إن أكثر من مليون شخص شاركوا في مراسم التشييع. وملأ أنصار حزب الله ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية بالضاحية الجنوبية التي تسيطر عليها الجماعة في بيروت، والذي يضم 55 ألف مقعد. وقال منظمون إن المدرجات والمقاعد التي أضيفت في باحة الملعب وتتسع لأكثر من 78 ألفا قد امتلأت تماما. واكتظت الطرق المؤدية إلى المدينة منذ ساعات الصباح الباكر بالحشود الكبيرة من أنصار حزب الله الذين اتشحوا بالسواد، رافعين صور نصر الله ورايات الجماعة. ورفعت على المنصة صورة عملاقة لنصر الله وهاشم صفي الدين رئيس الهيئة التنفيذية لحزب الله الذي أعلنته الجماعة أمينا عاما خلفا لنصر الله لكنه قتل في الثالث من أكتوبر تشرين الأول في الضاحية الجنوبية. وجلس كبار الشخصيات يتقدمهم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي ووفود عراقية وشخصيات دولية. وافترش مئات الألوف من أنصار الجماعة مدينة كميل شمعون الرياضية وشق النعشان المحمولان على شاحنة طريقهما حول الحشود في الملعب وصرخت الحناجر مع القبضات المرفوعة “هيهات منا الذلة” و”لبيك يا نصر الله” و”الموت لأمريكا” و”الموت لإسرائيل” ولف النعشان براية الجماعة الصفراء وأحيطا بزهور حمراء وبيضاء. ووضعت عمامة سوداء فوق كل نعش. ورفعت الحشود صورا لنصر الله وصفي الدين بالإضافة إلى صور بعض قتلى حزب الله بينما كان العديد منهم يجهش بالبكاء وسط تأثر بالغ خصوصا عند إعادة بث بعض من خطابات نصر الله الحماسية. ولم يحضر الرئيس اللبناني جوزاف عون المراسم وكلف رئيس مجلس النواب ورئيس حركة أمل الشيعية حليف حزب الله بتمثيله بينما أوفد رئيس الحكومة نواف سلام وزير العمل محمد حيدر. وتقدم الحاضرين في مراسم التشييع وفد إيراني رفيع المستوى ضم قاليباف وعراقجي ونائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني علي فدوي. وكان اغتيال نصر الله، الذي قاد الجماعة عبر عقود من الصراع مع إسرائيل وأشرف على تحولها إلى قوة عسكرية ذات نفوذ إقليمي، من بين أولى الضربات العنيفة خلال تصعيد إسرائيلي أضعف الجماعة بشدة. لكن الأمين العام الحالي للجماعة نعيم قاسم، الذي بثت كلمته المسجلة مسبقا من مكان غير معلوم للمشيعين عبر شاشات، قال إن حزب الله ما زال قويا. وشدد على أن “الحشد اليوم هو تعبير عن الوفاء الذي قلّ نظيره في تاريخ لبنان”. وقال قاسم “المقاومة موجودة وقوية عددا وعدة… لا تفسروا صبرنا ضعفا، فنحن لن نقبل بالاحتلال ونحن نتفرج… المقاومة باقية ومستمرة وموجودة وفلسطين بوصلتنا”. وأضاف “سنمارس عملنا في المقاومة نصبر أو نُطلق متى نرى مناسبا، ولن تأخذوا بالسياسة ما لم تأخذوه بالحرب، ولن نقبل باستمرار قتلنا”. واعتبر قاسم أن الموافقة على وقف إطلاق النار في لحظة مناسبة كانت نقطة قوة وتابع “أصبحنا الآن في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وكيفية التعامل معها”، لافتا إلى أن “أبرز خطوة اتخذناها أن تتحمل الدولة اللبنانية مسؤولياتها”. وأضاف “نقول لأمريكا لن تأخذوا بالسياسة ما لم تأخذوه بالحرب… متمسكون بطرد الاحتلال الإسرائيلي وإعادة الإعمار وحريصون على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي”. وقال موجها خطابه للأمريكيين “اعرفوا أنه إذا كنتم تحاولون الضغط على لبنان فلن تتمكنوا من تحقيق أهدافكم وأنصحكم بأن تكفوا عن هذه المؤامرات”. وأعاد التأكيد على تحالف حزب الله مع حركة أمل وتابع “لا تفكروا أن تلعبوا بيننا ونحن واحد في الخيارات وسنبقى معا إن شاء الله”. كما أكد “ندعم دور الجيش اللبناني ونحن إلى جانبه”. وحيا الأمين العام لحزب الله أولئك الذين وقعوا أسرى من المقاتلين والمدنيين بأيدي القوات الإسرائيلية. وقال لهم “لن نترككم عند العدو وسنقود كل الضغوط اللازمة للإفراج عنكم”. وعلى الرغم من انسحاب إسرائيل إلى حد كبير من جنوب لبنان، فإن سلاح الجو لا يزال يقصف ما يقول إنها مواقع لحزب الله في أنحاء لبنان. ولا تزال القوات الإسرائيلية تسيطر على خمسة مواقع على قمم على الحدود بين لبنان وإسرائيل. ونفذت طائرات حربية إسرائيلية ضربات في جنوب وشرق لبنان صباح يوم الأحد وحلقت على ارتفاع منخفض فوق بيروت مرتين خلال الجنازة، مما دفع الحشود إلى الهتاف “الموت لإسرائيل”. وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس في منشور على منصة إكس أن الطائرات التي تحلق “فوق جنازة حسن نصر الله تنقل رسالة واضحة: من يهدد بتدمير إسرائيل ويهاجم إسرائيل.. فستكون هذه نهايته. ستتخصصون في الجنازات، ونحن سنتخصص في الانتصارات”. وقال قاسم إن حزب الله يعتبر سيطرة إسرائيل على المواقع الخمسة احتلالا ويعتمد على الحكومة اللبنانية لضمان الانسحاب الكامل من خلال الطرق الدبلوماسية. وأضاف “اتخذنا خطوة واضحة، وهي أن تتحمل الدولة اللبنانية مسؤولياتها، وسنتصرف وفقا للظروف، نطلق النار متى نرى ذلك مناسبا، ونصبر متى نرى ذلك مناسبا”. ونشر الجيش الإسرائيلي مقطعا مصورا لما وصفها بأنها لقطات لاغتيال نصر الله “في عدة غارات متزامنة”. وأظهرت الصور، التي التقطتها طائرة عسكرية على ما يبدو، مباني تتعرض لعشرات الانفجارات في تتابع سريع. * “المقاومة متشبثة بالأرض” من بين المشيعين وفد عراقي يضم سياسيين شيعة وقادة جماعات مسلحة، ووفد من جماعة الحوثي اليمنية. وتهدف الجنازة الشعبية إلى إظهار القوة بعد أن خرج حزب الله ضعيفا من حرب العام الماضي مع إسرائيل والتي قتلت معظم قياداته وآلاف المقاتلين وأحدثت دمارا كبيرا في جنوب لبنان. وانعكس ضعف قدرات حزب الله على المشهد السياسي في لبنان بعد الحرب، إذ لم تتمكن الجماعة من فرض إرادتها في تشكيل الحكومة الجديدة. كما لم تتضمن مسودة البيان الوزاري للحكومة أي إشارة تضفي الشرعية على ترسانة أسلحة الجماعة. وازداد الأمر سوءا بعد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد حليف الجماعة، مما أدى إلى قطع طريق إمداد رئيسي. وقال حسن نصر الدين، وهو مواطن لبناني توجه من الجنوب للمشاركة في تشييع الجنازة، “يمكن خسرنا خسارة كبيرة كرجل، بس ما خسرنا قيمة المقاومة، كون المقاومة متشبثة بالأرض”. وقبل الجنازة، التقى عراقجي ومسؤولون إيرانيون آخرون بالرئيس عون الذي كان مدعوا لكنه لم يحضر مراسم التشييع. ووفقا لبيان صادر عن مكتب عون، قال الرئيس للوفد الإيراني “لقد تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه”، مضيفا أن “لبنان دفع ثمنا كبيرا دفاعا عن القضية الفلسطينية”. وتصاعد الصراع بعد أن فتحت جماعة حزب الله النار دعما لحليفتها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) بعد اندلاع حرب غزة في أكتوبر تشرين الأول 2023. وبعد وفاته، دُفن نصر الله بصورة مؤقتة بجوار ابنه هادي الذي لقي حتفه وهو يقاتل في صفوف حزب الله عام 1997. ولم يتحدد موعد إقامة جنازته الرسمية حينها لإعطاء القوات الإسرائيلية الوقت اللازم للانسحاب من جنوب لبنان بموجب شروط وقف إطلاق النار الذي دعمته الولايات المتحدة وأنهى الحرب. وأم الصلاة على جثماني نصر الله وصفي الدين الوكيل الشرعي العام للإمام الخامنئي في لبنان عضو شورى حزب الله محمد يزبك ومن ثم جاب النعشان على الشاحنة باتجاه طريق المطار حيث ووري نصر الله على وقع صرخات “بأمان الله يا نصر الله”. ومن المقرر دفن جثمان صفي الدين في بلدته دير قانون يوم الاثنين. وجرت مراسم التشييع وسط تدابير أمنية مشددة اتخذها الآلاف من عناصر الجماعة والأجهزة الأمنية في لبنان. وقالت نجوى كرشت التي أتت من الجنوب قبل يوم لحجز مقعد في مراسم التشيع “هذا يوم للتاريخ. نحن خسرنا سيدنا لكننا سنبقى على العهد”.