جنيف.. الخطة (ب): مخاوف تحويل السودان الى (اراض محتلة)!

الكرامة: هبة محمود
في ظل إستمرار الجهود الأمريكية لحل أزمة السودان، تدخل مفاوضات جنيف اليوم، يومها الرابع منذ إنطلاقها يوم الاربعاء الماضي للتباحث حول وقف الحرب في السودان.
ومن المقرر للمفاوضات المنعقدة حاليا، أن تستمر لنحو عشرة أيام على أبعد تقدير وفق ما حملته تقارير صحفية.
ومع إكتمال يوم أمس تتكمل المهلة التي منحتها الادارة الامريكية للجيش السوداني للمشاركة في المفاوضات، وفق تصريحات المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيريللو، الذي قال عشية إنطلاق المحادثات ” لم نتلق رداً من الجيش السوداني بشأن مشاركته في المباحثات، ونتنظر في غضون يومين أو ثلاثة أيام أن يلحق وفد الجيش بالمفاوضات.
وفيما لم تتضح الرؤية بشأن مشاركة الحكومة السودانية حتى الآن رغم الجهود الأمريكية للدفع بها إلى سويسرا، وفي ظل تتضارب المعلومات حول إمكانية تغيير موقف الجيش السوداني بعد طلب الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة بالحضور أو اتخاذ قرار حاسم قبل نهاية هذا الأسبوع، تترأ التساؤلات حول المتوقع حال إكتمال المفاوضات دون حضور الجيش؟ .
قرارات متوقعة
ووفق مراقبين فإنه وبإنطلاق مباحثات جنيف في موعدها المقرر لها رغم تحفظ الحكومة السودانية على عدد من النقاط بشأن المنبر الجديد وفرض مسهلين جدد، تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى اتخاذ قرارات متوقعة بشأن السودان، في ظل تطاول أمد الحرب التي تقارب من عامها الثاني، كما تسعى إلى تحويل السودان الى اراض محتلة.
ورغم الجهود الأمريكية في أن يلحق الجيش بطاولة التفاوض، الا ان موقف الجانب السوداني ظل متمسكا بنقاط إعتراضه على أن يكون مبدأ التفاوض قائما على أساس مخرجات منبر جدة.
وبحسب المراقبين فان سعى الولايات المتحدة الأمريكية حال عدم لحاق الجيش، سيتمثل في إستصدار قرارات أو عقوبات يمكن فرضها على السودان، في مقدمتها وضع السودان تحت البند السابع، أو ترك الوضع على ماهو عليه، على أن يحتفظ كل طرف بمواقعه.
سعى أمريكي ..
وتسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى إحراز تقدم في الملف السوداني بأي الطرق والوسائل الممكنة والعصية، ما جعلها تواصل ضغطها على الجيش في ضرورة اللحاق بالمحادثات.
كما تسعى فى ذات الوقت من خلال الإصرار على منبر جنيف وتوسيع دائرة المسهلين، رغم إعتراض الجيش والحكومة السودانية معا إلى جعل السودان مستعمرة جديدة للدعم السريع والداعمين له.
وعقب الإتصال الثاني لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع البرهان أمس الاول، قال المبعوث الأميركي الخاص للسودان، توم بيرييلو، إن وفد مليشيا الدعم السريع المتواجد في جنيف، مستعد لبدء المحادثات، فيما يتعين على القوات المسلحة أن “تقرر القدوم”.
وأضاف بيريلو في تغريدة على منصة إكس أمس الجمعة: “بدأنا اليوم الثالث من المحادثات في سويسرا بشأن الأزمة السودانية”، وفتح معبر أدري الحدودي يمثل نتيجة مهمة في وقت حاسم للجهود الإنسانية الرامية إلى تقديم المساعدات وتجنب تفاقم المجاعة.
وتاتي تصريحات بيرييلو كثاني تصريح منذ إنطلاق المحادثات، فيما يرى متابعون أنها تصريحات تحمل تهديدات مبطنة للجيش والحكومة.

خطة “ب”.. و لكن

وفي ظل رفض الحكومة السودانية لجنيف بشكلها الحالي وفي ظل إستمرار التفاوض من قبل الدول المشاركة، يذهب مختصون إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها سيكشفون عن الخطة “ب” قريبا خلال الأيام المقبلة حال عدم نزول الجيش للقبول بالتفاوض.

وبحسب المحلل السياسي عبد الله الخليفة، فان أمر استصدار عقوبات ضد السودان ووضعه في البند السابع مثلا، فهو يعتبر آخر كروت الولايات المتحدة الأمريكية في وساطتها، بعد أن تتبين لها مواقف الجيش والحكومة النهائية، وان لم تفعل ذلك فإن أبسط ما يمكن ان تقوم هو منح المليشيا شرعية مع السماح لها بالاحتفاظ بمواقعها التي إحتلتها.
ويرى الخليفة خلال حديثه ل” الكرامة” أن أمريكا لن تتوانى في إنزال عقوبات بالسودان، لكنها تنظر إلى التقارب الروسي السوداني، فضلا عن سعيها إنجاز اخر ملفات حكومة بايدن وتقديم مابيبض وجهها أمام  الناخب الأمريكي.
وقال: قبل يومين خرج بيريلو مهددا الجيش وأمهله ثلاثة أيام للحاق بالتفاوض، قبل أن يخرج امس ويقول انهم في انتظار ان يقرر الجيش الحضور، وهو ما يعني انه تراجع عن الفترة الممنوحة.

وساطة مفروضة ..
وترفض الحكومة السودانية والشعب السوداني، أي محاولة من محاولات التهديد أو الوعيد الأمريكي.
والخميس قال وزير المالية السوداني د. جبريل إبراهيم  على إكس ان طبع الشعب السوداني يرفض التهديد والوعيد”.
وأضاف أن الحكومة السودانية “لن تقبل وساطة مفروضة ولن تكون طرفا في مباحثات هدفها تشريع احتلال المليشيا الإجرامية المنشآت المدنية وضمان مكانتها مستقبلا.
وترغب واشنطن على إشراك الاتحاد الأفريقي ومصر والإمارات والأمم المتحدة بصفة مراقبين في محادثات جنيف وهو ما رفضته الحكومة السودانية.
ومن هذا المنطلق يتجدد السؤال حول مساعي تحويل السودان إلى اراض محتلة، سواء عبر البند السابع أو السماح للمليشيا بالبقاء بالمواقع التي احتلتها حال عدم لحاق الجيش بالمفاوضات؟
(واهمون) .. تخرج بس

وفي ظل عدم إستجابة الحكومة السودانية لمفاوضات جنيف، ترى مجموعات موالية للمليشيا ضرورة التدخل الأمريكي ووضع السودان في البند السابع وذلك بسبب تفشي المجاعة وتردي الأوضاع الإنسانية في السودان بسبب الحرب.
ووصف القيادي بحركة العدل والمساواة إدريس لقمة مؤيدو التدخل الأمريكي في السودان وإستخدام البند السابع من الأمم المتحدة ب “الواهمين”.
وأضاف في تغريدة لا بد من إخراج الميليشيات من المدن وتجريدهم من السلاح ومحاكمة المذنبين منهم لا تفاوض مع من يقتل الأطفال والنساء ويقصف المدن بما فيها ويستخدم سياسة التجويع.
من جانبه يرى خبير التفاوض آمين إسماعيل مجذوب في افادته ل ” الكرامة” ان التدخل في السودان في حد ذاته يعتبر أزمة، مؤكدا أن تمرير قرار البند السابع عبر مجلس الامن، من الصعوبة بمكان وذلك لوجود كلا من روسيا والصين وعلاقاتهم المتميزة مع السودان.

حل سياسي ..
ويذهب مجذوب إلى أن التدخل بدون قرار من مجلس الأمن، يعتبر مؤامرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوربي، الامر الذي يصعب جدا في الوقت الحالي وذلك لإنشغالهم مع الحرب الروسية الأوكرانية.
ويرى خبير التفاوض في حديثه ل” الكرامة” ان محاولة توريط الاتحاد الأفريقي أو دول الإيقاد باي نوع من أنواع التدخل في السودان ايضا تعتبر مؤامرة، سيما عقب تجربة اليوناميد التي تؤكد أن الدول الأفريقية لن تستطيع التدخل في السودان مرة أخرى.
وتابع: لذلك أستبعد أي تدخل تحت البند السابع حاليا على الاقل مع إمكانية الإستفادة من التدخل لاسباب إنسانية.
وزاد: ذلك بمعنى فرض حل سياسي أشبه بمؤتمر الطائف اللبناني ان يكون هناك مؤتمر الطائف السوداني، وهو حل سياسي وليس عسكري.

إجتماع مشاورات ..
وأعتبر أمين إسماعيل مجذوب خلال مواصلة إفادته ل “الكرامة” أن ما يحدث في جنيف الآن لا يمكن أن يسمى تفاوضا، لاعتبارات ان المبدأ في المفاوضات ان تكون بين طريفين أو اكثر، بجانب وجود وسيط.
وقال إن ما يحدث في جنيف الآن هو وجود وسطاء وطرف واحد، لذلك لا يمكن تسميته مفاوضات ولن تسفر عنن نتائج.
وأضاف بأن الاجتماع في جنيف سيتحول إلى اجتماع مشاورات وبالتالي ما يصدر عنه فهو قرارات خاصة بالمشاورات للقصايا للانسانية ودعوة الطرف الغائب للحضور ولكن لن تكون هناك اي قرارات ناتجة عن تفاوض.
وتابع: المتوقع انه في حال غياب السودان ان يرفع الامر إلى جهة أعلى، الآن وسطاء فقط يجمعون أطراف متحاربة واذا لم تنجح الوساطة فإنه يتم إرجاع الامر إلى الأطراف الإقليمية والدولية، لكن ان يصدر عن مثل هكذا اجتماع قرارات خاصة بازمة لم أحضرها  او اتفاوض فيها فإنه امر لا يجوز من ناحية علم المفاوضات وعلم إدارة الأزمات..
وزاد: رشح في اليومين الماضيين بزيادة السقف الزمني إلى يوم 18 لإرسال وفد حكومي في المفاوضات، فحال حدث ذلك فإنها تسمى مفاوضات، لكن استمرارها بدون السودان لا يجوز قانونيا وبالتالي تتحول إلى إجتماع مشاورات.