تقرير: انقسام الاراء بشأن ذهاب الوفد الحكومي إلى جدة
الكرامة: هبة محمود
بجولة مختلفة ربما، من مراحل التفاوض تبدأ مرحلة جديدة من البحث عن السلام ووقف الحرب بالسودان، بعد موافقة الحكومة السودانية، إرسال وفد للتشاور مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، في مدينة جدة السعودية أمس الجمعة.
المرحلة يمسك الجيش بزمامها عقب، استجابة واشنطن لشروط الحكومة بالتشاور اولا قبل “فرض الامر” والقبول بالتفاوض في جنيف التي دعت لها الولايات المتحدة الأمريكية يوليو الماضي.
ويرى متابعون ان الجيش والحكومة، باستجابة أمريكا على مطلب التشاور، قبل إنطلاق المفاوضات المقرر لها فى 14 من أغسطس الجاري، يقفان على أرض ثابتة، ما يحتم ضرورة التمسك بمخرجات جدة، وإنهاء التمرد وفق ما يتفق عليه.
وينتظر من الوفد الحكومي أن يدفع بقوة في إتجاه تنفيذ مخرجات منبر جدة الذي طالما ظلت الحكومة تشدد على تمسكها ببنوده، فيما ظلت المليشيا المتمردة ترفض تنفيذ المخرجات المتفق عليها.
وفي ظل تقاطعات مصالح الدول الداعمة للتمرد، وغيرها من القوى الحزبية الموالية، تنشط المساعي في البحث عن إيجاد مكان للجنجويد في المشهد السياسي السوداني من جديد، في ظل رفض واسع من الشعب السوداني.
وفيما تنقسم الاراء بشأن ذهاب الوفد الحكومي امس إلى جدة، يرى مختصون في الشأن السياسي ضرورة الخطوة للتأكيد على حرص المؤسسة العسكرية والحكومة السودانية على السلام كأولوية بحتة، لكن مع الأخذ في الاعتبار السيادة السودانية، وكرامة الشعب السوداني.
موقع قوة …
وترفض الحكومة السودانية منح دول مثل الإمارات أي تمثيل لها في المفاوضات، غير إن الخارجية الأميركية أكدت لنظيرتها السودانية، بأن الدول التي تم منحها صفة مراقب لن تكون جزءً من الوساطة، بل ستساهم في وقف الحرب.
وكشفت المصادر بحسب الشرق أن الخارجية الأميركية أكدت الاعتراف بالفريق أول عبد الفتاح كرئيس لمجلس السيادة الانتقالي واستعدادها لاستخدام الصفة فى الدعوات الرسمية.
فيما أكدت خلال رسالة لنظيرتها السودانية ردا على استفسارات السودان بشأن جنيف، استعدادها لعقد لقاء مع مسؤولين سودانيين للتشاور بشأن مفاوضات سويسرا.
ومن واقع ذلك وهو موقع القوة التي تتمتع بها الحكومة والجيش معا في الامساك بزمام الامر، عقب موافقة واشنطن التشاور مع مسؤولين سودانيين، قبل إنطلاق المفاوضات بجنيف يشدد مراقبون على الحكومة ضرورة التمسك ببنود جدة.
أولويات التفاوض
والجمعة أعلنت الحكومة، إرسال وفد إلى مدينة جدة السعودية، برئاسة محمد بشير أبونمو، وزير المعادن للتشاور مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، حول دعوتها لحضور المفاوضات التي من المقرر لها إلانعقاد بجنيف في ال 14 من أغسطس الجاري للتباحث بشأن وقف الحرب.
وقالت في بيان لها أمس، ان الخطوة تأتي حرصاً منها على تحقيق السلام والأمن والإستقرار فى البلاد، ولرفع المعاناة الناتجة عن الحرب التي شنتها المليشيا المتمردة عن كاهل الشعب والمواطنين
في مقابل ذلك قال رئيس الوفد السوداني الحكومي، وزير المعادن، عقب توجهه إلى جدة، إن أولوياته هي “الوطـن والمواطـن الـذي عانـى مـن جرائـم وإنتهاكـات الميليشيا المتمـردة إزاء صمـت المنظمـات الحقوقيـة والمجتمـع الدولـي”.
وقال أبو نمو خلال منشور له على صفحته فيس بوك ” توجهتُ اليوم “الجمعـة” إلى المملكة العربية السعودية بصفتي وزيرآ فـي الحكومـة ورئيسآ لوفد الحكومـة السودانيـة إلى مدينـة جـدة، وذلـك مـن أجـل التشـاور مـع حكومـة الولايـات المتحـدة الأمريكيـة بشـأن الدعـوة المقدمـة منهـا لحضور المفاوضات التـي ستنعقـد بجنيف فـي “14” أغسطـس الجاري.
وتابع: تركيزنا خلال النقاشات المرتقبة أولويتها الوطن والمواطن الذي عانى مـن جرائم وإنتهاكات المليشيـا المتمردة إزاء صمت المنظمات الحقوقية والمجتمع الدولي.
(خانة اليك)
ويعتقد المحلل السياسي محجوب محمد ان مفاوضات جنيف، مفتاح إدارتها في يد الجيش والحكومة، وذلك من واقع الكثير من المعطيات مستدلا بحديث البرهان لوزير الخارجية بلينكن الذي حدثه عن معالجة شواغل الحكومة، فيما أبلغه البرهان تجاوزات المليشيا على أهل دارفور.
ورأى محجوب في افادات ل الكرامة ان مخاوف الكثير من المراقبين حول ان تكون جنيف هي الفخ للايقاع بالجيش للتوقيع ومنح المليشيا وجود في المشهد السياسي، تبددت الان بعد الموقف الامريكي واعتراف الحكومة الأمريكية بالبرهان كرئيس مجلس سيادة وليس قائد للجيش.
وقال إن ما حدث يضيق من خيارات مليشيا الدعم الان إذ عليها تنفيذ مخرجات جدة والخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية والمرافق الحكومية والمستشفيات.
وتابع” للأسف مليشيا الدعم وذراعها السياسي والدول الداعمة سعوا في إيجاد منبر موازي لمنبر جدة لتمرير اجنداتهم، دون أن يعلموا ان ما تم استحداثه من منبر يضيق عليهم ويضعهم أمام خانة اليك.
وأضاف: الجيش ليس هو الخاسر لان المعارك محسومة لصالح الجيش وما يدور الان هي عمليات تنظيف جيوب.
مخاوف
والأثنين قال رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، إنه تلقى اتصالاً هاتفيًا من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تحدث معه عن ضرورة معالجة شواغل الحكومة السودانية قبل بدء أي مفاوضات.
وأضاف في تغريدة له على منصة إكس “أبلغته بأن المليشيا المتمردة تحاصر وتهاجم الفاشر وتمنع مرور الغذاء لنازحي معسكر زمزم”.
وفي سياق اخر يرى خبراء في الشأن السياسي أن قيادات المليشيا والمتحدثين بإسمها يتخوفون من مستجدات مفاوضات جنيف إن صح التعبير عقب الموقف الامريكي.
وأمس و عقب سفر الوفد الحكومي إلى جدة، طالب مستشار قائد المليشيا الباشا طبيق، في تصريحات له الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، عدم الاستجابة لما وصفها بمراوغة البرهان ومن خلفه مجموعة الحرب من الحركة الإسلامية بقيادة علي كرتي، التي قال إنها تعمل على إستمرار الحرب و إفشال المبادرة الأمريكية الداعية إلى مفاوضات جنيف.