النازحون فى كسلا.. جحيم الجنجويد ونكبات العقارب والأمطار

تقرير : رحمة عبدالمنعم

وجد نازحو ولاية كسلا أنفسهم خلال الأيام القليلة الماضية في مواجهة نكبة جديدة ،تمثلت بالأمطار التي ضربت أجزاء من الولاية ،والحقت أضراراً جسيمة بمخيمات النازحين في كسلا ،التي لاذ بها خلال عام الحرب الكثير من النازحين هرباً من إرهاب الجنجويد ، وتتنوع مآسي النازحين ومعاناتهم، بين كوارث الطبيعة والمتغيرات المناخية من ارتفاع درجة الحرارة ، وزيادة هطول الأمطار ،إضافة إلى الاوضاع المعيشية الصعبة التي يعانون منها ،ويكاد الجوع يفتك بالعائلات الموجودة في مراكز الإيواء..
خيام النازحين
وفاقمت الفيضانات التى تعرضت لها ولايات سودانية من معاناة النازحين السودانيين الفارين من المعارك ممن يقطنون مراكز ومخيمات الإيواء، وقد أعلنت وزارة الصحة الاتحادية السودانية ، وفاة 12 شخصاً جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت بعدد من ولايات الشرق خلال الساعات الماضية.
وبحسب صحيفة (سودان تريبون) فان مياه الأمطار الغزيرة غمرت خيام النازحين في ثلاث من دور الإيواء بمدينة كسلا والتي تستضيف عشرات الآلاف من الوافدين بسبب الحرب، حيث ارتفعت أعدادهم خلال الشهر الفائت بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق واسعة في ولاية سنار.
وعقد مركز عمليات الطوارئ الصحية اجتماعاً طارئاً للتداول حول كارثة الأمطار والسيول في ولايتي كسلا والقضارف، برئاسة وزير الصحة السودانى هيثم محمد إبراهيم، بحضور مكتب منظمة الصحة العالمية بالسودان، شبل صبحاني، بالإضافة إلى عدد من وكالات الأمم المتحدة والمنظمات العاملة في القطاع الصحي.
وقال وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم في تصريح صحفي عقب الاجتماع إنه تم تسجيل 12 حالة وفاة.
وأشار إلى أن الاجتماع استعرض الأوضاع الصحية بالولايات المتضررة من السيول والأمطار، وهي كسلا، القضارف، ووقف على الاستعداد لمجابهة الأمراض الوبائية وتوفير المعينات المرتبطة بالأنشطة المنقذة لاحتوائها، كما وقف على أوضاع دور الإيواء.
ونوه إلى أن الاجتماع أكد على ضرورة التنسيق الجيد بين الصحة والوزارات ذات الصلة والمنظمات، والعمل على مكافحة نواقل الأمراض

توفير الإحتياجات
وناشدت غرفة طوارئ شباب كسلا، حكومة الولاية والمنظمات المحلية والعالمية، لتقديم المساعدة للنازحين المتأثرين من الأمطار الغزيرة التي تشهدها المدينة.
وقالت الغرفة في مناشدتها التي نشرتها على منصتها بفيسبوك، واطلعت عليها “ الكرامة ”، إن الأمطار الغزيرة التي تشهدها مدينة كسلا في هذه اللحظات أضحى معها الوضع كارثي ببعض مراكز الايواء مع صعوبات في تص ريف المياه.
ودعت حكومة الولاية وجميع المنظمات العالمية والمحلية وكل من يملكون مضخات سحب المياه الراكدة بالتوجه فورا لمراكز إيواء “المدرسة الصناعية، والهيكل الخراساني، عمر الحاج موسى. وكذلك المستشفى المرجعي”.
وأشارت الغرفة إلى أن تداعي الأوضاع الأمنية في مراكز الإيواء بسبب غزارة الأمطار أدى إلى صعوبة في توفير الاحتياجات الأساسية من طعام ومياه صالحة للشرب، ودعت المعنيين بالإسراع في تقديم المساعدة في تصريف مياه الأمطار، وتوفير الإحتياجات التي من بينها توفير الملابس والأغطية من البرد وخاصة للأطفال.
وغمرت مياه الأمطار مخيمات النازحين ومنازل المواطنين في مدينة كسلا، جراء تواصل هطول الأمطار لما يزيد عن 10 ساعات، وتداول ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي صورًا ومقاطع مصورة تعكس معاناة آلاف الأسر من السيول والأمطار.
وكانت ولاية كسلا من الولايات التي تضم آلاف من الأسر من ولايات الخرطوم والجزيرة، ولكنها شهدت إرتفاعًا كبيرًا في أعداد النازحين إليها بعد سيطرة مليشيات الدعم على أجزاء واسعة من ولاية سنار، وبما في ذلك عاصمة الولاية سنجة التي استولت عليها في أواخر يونيو الماضي بعد انسحاب الجيش منها، وكانت النسبة الأكبر من نازحين الولاية يتوجهون نحو ولاتي القضارف وكسلا، واستقبلت الأخيرة عشرات الآلاف منهم مع بداية المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في ولاية سنار.

أوضاع صعبة
مياه الأمطار بللت مخيمنا، وأتلفت موادنا الغذائية وأصبحنا بدون طعام” بهذه الكلمات بدأ النازح أحمد سليمان- 33 عامًا- شرح معاناته جراء الأمطار المستمرة، والمتسببة في تدهور المخيم الذي يسكن فيه.
نزح سليمان مع أسرته المكونة من ستة أفراد من مدينة سنجة إلى ولاية كسلا، ومنذ اسابيع يسكن في مخيم “المدرسة الصناعية”, ويتجرع فيه أوضاعًا صعبة للغاية في ظل موسم الأمطار،وخلفت الأمطار الكثير من الأضرار في مختلف المناطق التي لجأ إليها النازحون،وتعرضت مخيماتهم للتمزق والجرف، وبات الكثير منهم لا يمتلكون مساكن أو غذاء،خاصةً في ظل دعم شحيح من قبل المنظمات والجهات الحكومية.
ويقول المواطن عيسى جادين في حديثه لـ”الكرامة”: نعيش فوق قطعة أرض مستوية، وكلما هطلت الأمطار تدخل المياه إلى المخيم ويبلل الأثاث( فُرُش وبطانيات) ونضطر إلى أن نفترشها في مكان اخر بالرغم من أنها مبللة؛ لأنه لا خيار لنا إلا ذلك”.
وأضاف” يتضرر الكبار في السن والأطفال بسبب الثياب المبللة ويصابون بأمراض مختلفة ك”نزلة – أو الصداع ” ويتأثر كذلك أصحاب المرض المزمن منه بشكل بليغ “.
وطالب “عيسى ” السلطات المحلية أن تعمل على نقل مآوي النازحين إلى اماكن تقيهم سيول الأمطار والرياح وكافة تقلبات الطقس، وأن تضغط على المنظمات الإغاثية بتوفير المساعدات للنازحين بشكل فوري”.
ومضى قائلًا ” أتمنى أن يتوفر لنا سكن يقينا من ظروف الطقس، وأن يعود السودان كما كان في السابق، وتنتهي الحرب التي سببتها مليشيات الدعم السريع على السودانيين”.
نقص الغذاء
وكشفت تقارير صحفية مصورة حديثا ً تفاقم معاناة النازحين إلى ولاية كسلا جراءالحرب الدائرة في عدد من المدن السودانية، وأصبح النازحين غير قادرين على تلبية احتياجاتهم اليومية من الغذاء، بفعل تفاقم نقاط الضعف وتآكل القدرة على الصمود والتكيف بعد نزوحهم من مناطق الصراع.
وحذر خبراء ومسؤولون من تفاقم أزمة الغذاء وشبح الجوع وانتشار أمراض سوء التغذية بين الأطفال بصورة كبيرة، بسبب استمرار الحرب التي أشعلتها مليشيات الدعم منذ أكثر من عام ،والانتهاكات المستمرة ضد المدنيين
وقال الناشط الإجتماعي أمجد عبدالحفيظ “للكرامة “,، إن الوضع الغذائي للنازحين في ولاية كسلا يشهد تحدياً كبيراً وخطيراً وخصوصاً على الأطفال، بما ينذر بعواقب وخيمة، محذراً من أن أزمة نقص الغذاء تعتبر من أكثر الأزمات خطورة على الوضع الإنساني في السودان
وذكر عبدالحفيظ في تصريح لـ«الكرامة»، أن ما تقوم به مليشيات “حميدتي ” من جرائم في السودان ، يُشكل ضغطاً على الحكومة بما ينعكس على الواقع الاقتصادي والتجاري والغذائي، مطالباً بوجود موقف دولي تجاه الأزمة من خلال تقديم المعونات الغذائية والإنسانية بشكل أكبر لتخفيف هذه المعاناة، وضرورة اتخاذ موقف تجاه مليشيا الدعم السريع الإرهابية، ودعم الحكومة كي لا تزداد المشاكل تفاقماً.
ووفقاً لمؤشر الجوع العالمي، شهد السودان أسوأ كارثة انسانية في مستويات الجوع خلال العام عام الحرب ، كما أن التعهدات الحالية للمساعدات الغذائية منخفضة بشكل مثير للقلق، ما اضطر برنامج الأغذية العالمي لمناشدة المانحين لدعم برامجه في اجل توفير المعينات والغذاء
مضاعفة الأعباء
ومن جانبه، قال عضو منظمة “لبنة” الطوعية عبدالله عبدالرحمن،إن السودان يعيش أسوأ أزمة غذاء في العالم مع تواصل تحذيرات الأمم المتحدة بخطورة الوضع الإنساني وانعدام الأمن الغذائي،حيث إن نسبة كبيرة من السودانيبن اصبحوا يعتمدون على مساعدات المنظمات الإنسانية والإغاثية، والتي تم تقليصها مؤخراً، وأدت إلى انعدام الأمن الغذائي،وتدهور الوضع الإنساني
وأوضح عبدالله في تصريح لـ«الكرامة» أن الحرب وانتهاكات المليشيا انعكست على الجانب الاقتصادي وضاعفت أعباء السودانيين الذين يعانون أصلاً من تدهور المعيشة وارتفاع معدلات الجوع وسوء التغذية الحاد والفقر والبطالة،مضيفاً أن مليشيا الدعم السريع تستخدم التجويع كسلاح حرب.
وأشار إلى أن نهب المصانع والشركات والمقار الحكومية ، تسبب في إيقاف الرواتب و تزايد أعداد الجوعى والفقراء والمحتاجين،بالإضافة إلى ارتفاع اسعار المواد الإستهلاكية في الأسواق ،وعجز الكثيرين عن تلبية احتياجات اسرهم اليومية ،خصوصا ً النازحين إلى الولايات الذين لا يملك بعضهم مايسد به رمق الجوع ،الذي يكاد يفتك بهم وباطفالهم ،حسب قوله..