والي الخرطوم فى حوار مع (الكرامة) : مدارس الخرطوم تحولت الى مدافن للموتي

حوار  : يوسف عبد المنان

كشف مسؤل كبير في الحكومة السودانية عن تحول مدارس الخرطوم من مكان للمعرفة وتلقى العلم لمدافن لضحايا الحرب المستعرة الان، وقال والي الخرطوم أحمد عثمان حمزه (للكرامة) أن تسعة ملايين من سكان الخرطوم دفعتهم الحرب للخروج من مساكنهم للولايات والدول العربية والأفريقية وان مصر لوحدها تستضيف2 مليون سوداني من العاصمة وحدها، وأضاف أن القوات المسلحة قد شكلت هذا الأسبوع ثمانيه محاكم عسكرية للحد من ظاهرة التعدي على ممتلكات المواطنين المعروفة (بالشفشفة)

وبدأ حمزه واثقا من عودة التيار الكهربائي، وخدمات المياه لاحياء مدينة أم درمان التي سيطر عليها الجيش في الفترة الأخيرة في غضون شهر من الآن فإلى نص الحوار.

#كيف صارت الخرطوم من حيث عدد السكان بعد اكثر من عام على نشوب الحرب؟؟

& تعد الخرطوم من أكثر العواصم العربية والأفريقية اكتظاظا بالسكان حتى نشوب الحرب في 15 أبريل الماضي ويقدر عدد سكان الخرطوم لحظة نشوب الحرب بنحو 15 مليون نسمه وهو رقم تقريبي حيث لم تجري في السودان إحصاءات دقيقة للسكان منذ عام 2008 ، وحينها كان عدد سكان الخرطوم 2 مليون نسمة ولكن بعدها حدث انفجار سكاني بالخرطوم جراء الحروبات في دارفور وكردفان  والهجرة الداخلية من الريف للعاصمة الخرطوم .

# لماذا تأخر التعداد السكاني لمدة 16 عاما قبل الحرب وكانت الأوضاع مستقرة؟

&قبل الحرب كانت هناك محاولات لإجراء تعداد سكاني طبعا ثمة اختلاف كبير بين الإحصاء السكاني والتعداد فالأول قد يجري لأسباب تتعلق بالفئات العمرية أو تفشي الأمراض أو مستوى التعليم والتعداد لإعداد الدراسات حول التنمية والتعليم والصحة.

ربما ماشهدته البلاد من اضطرابات وانفصال الجنوب ونشوب الحرب في دارفور وكردفان فرض واقعا جعل من الصعوبة إجراء التعداد السكاني؛ ولكن بعد ايقاف الحرب هناك ضرورة لإجراء إحصاء سكاني خاصة وأن الوجود الأجنبي أصبح له تأثيرا بالغا على سياسات الدولة والحرب الحالية شهدت مشاركة اللاجئين من الجنوبيين والتشاديين والاثيوبيون  في القتال إلى جانب مليشيات الدعم السريع مما يجعلهم أعداء في نظر ضحاياهم من السودانيين بدلا من اصدقاء استجاروا بالسودان .

# ماهو تأثير الحرب على هجرة سكان الخرطوم ونزوحهم داخليا؟

 من المؤسف أن 60 في المائة من سكان الخرطوم غادروها اما طوعا للحفاظ على أسرهم وصون أعراضهم من الانتهاكات بسبب التوسع الكبير في الحرب وبعضهم غادر الخرطوم كرها ومرغمين بعد اعتداء الملشيات عليهم وارغمتهم على مغادرة مساكنهم ومن يرفض يقتل في بيته ويدفن بملابسه وأحيانا يترك في العراء وتنهش جثته الكلاب ومن جملة نحو 9 مليون غادرو الخرطوم هناك (2) مليون اتجهوا لدولة مصر وحدها هذا خلاف الوجود السوداني القديم في مصر والبقية نزحت لأقاليم السودان التي لم تطالها الحرب مثل الشمالية ونهر النيل والبحر الأحمر وبعض سكان الخرطوم نزحوا لمدينة ودمدني وعندما سقطت هي الأخرى نزحوا لمدن أخرى.

# ماذا تبقى من السكان الان وماهي آثار الحرب على المرافق العامة من مدارس ومستشفيات ومحطاة كهرباء ومياه؟؟

& الان يوجد نحو 40 في المائة فقط من السكان وهو رقم تقريبي يتمركز أغلبهم في مدينة أم درمان محلية كرري وبعض الأرياف في شمال وشرق الولاية ومناطق العيلفون وشمال بحري ماحدث في الخرطوم يعتبر تحطيم ممنهج للبنية التحتية وطمس لملامح المدينة التاريخية للقضاء على دولة السودان القديمة التاريخية المعروفة ولا أجد تفسيرا لتحطيم المتاحف والمباني الأثرية وحرق دار الوثائق وحرق سجلات الأراضي حتى يفقد المواطنين حقوقهم وإثبات ملكيتهم للعقارات والأراضي وقد تأثرت المستشفيات ونهبت مثل مستشفى ام درمان والخرطوم ومستشفيات الولادة مثل مستشفي القابلات ومستشفي الشيخ محمد علي الفضل والمستشفى السعودي ومستشفي طب المناطق الحارة  وهناك مستشفيات لم تتأثر كثيرا في ام درمان مثل المستشفى الصيني ومستشفي الأمراض الصدرية بابى عنجه اما بقية المستشفيات فقد نهبت المعامل وحتى أسرة التنويم وبعض المستشفيات لم تتعرض للنهب والتخريب مثل مستشفى شرق النيل والمستشفى الدولي وبشائر لأن الملشيات سيطرت عليها واتخذتها مشاف لجرحي قواتها اما المستشفيات الخاصة بعضها تم حرقه واخر نهب تماما مثل مستشفي اسيا بامدرمان بعض أجهزة المستشفيات السودانية بيعت في تشاد ومالي والنيجر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان بملايين الدولارات

بعض المستشفيات تعمل لصالح المليشيا ويخضع الأطباء والعاملين للقهر بالسلاح لعلاج مصابي العمليات العسكرية في جبل أولياء والمستشفى التركي في الكلاكلة.

# إثر هجرة الأطباء على الصحة بالخرطوم؟؟

& بكل أسف أكثر من خمسين بالمائة من الأطباء هاجروا قسرا أو غادروا الخرطوم كمواطنين متأثرين كغيرهم بالحرب أو بسبب عجزنا كحكومة عن توفير رواتب الأطباء هناك استحالة أن يبقى الأطباء في ظل الحرب وعدم وجود رواتب.

# واقع التعليم والمدارس يقول ان مسألة عودة قرع الإجراس مرة أخرى تبدوا بعيدة؟.

&تم استغلال المدارس من قبل الملشيات كمعسكرات لهم كما استغلت الحكومة المدارس لإيواء المتأثرين من الحرب وبكل أسف كثير من مدارس ولاية الخرطوم تم استغلالها كمقابر لدفن موتى الصراع العسكري الحالي اما بسبب ان المواطنيين في ظل القصف المدفعي لايستطيعون الوصول إلى المقابر أو تمركز الملشيات في المقابر لقنص المواطنين فاتخذت ساحات المدارس الداخلية وملاعب كرة القدم والساحات كمدافن للموتى هذا يفرض علينا مهمة كبيرة بإعادة نبش هذه المقابر وإعادة دفنها في المقابر المخصصة وهذه من بين أسباب تعثر فتح المدارس بولاية الخرطوم إضافة إلى أننا لايمكن فتح المدارس في ثلاث محليات فقط هي كرري وأم درمان وأم بده من جملة تسعة محليات بالولاية.

# لكن رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان في زيارته الأخيرة للخرطوم أصدر توجيهات بفتح المدارس؟.

& نعم أصدر توجيهات ولكن وزارة التربية والتعليم شكلت لجنة لإعداد دراسة لإمكانية فتح المدارس ووجدت اللجنة هناك استحالة في فتح المدارس وبعض المحليات يصعب أو يستحيل الوصول إليها وعدد كبير جدا من الطلاب نزحوا مع ذويهم للولايات وبعضهم أصبحوا لاجئين خارج الحدود وإذ لم يعود الناس لبيوتهم مستحيل إعادة فتح المدارس نحن نشجع الناس وندعوهم للعودة ولكن آخرين يصدونهم!

# من هم الآخرين الذين يصدون الناس عن العودة؟.

هناك جهات سياسية مناوئة لاستقرار الأوضاع وهي من يبث الخوف وسط الناس ويخوفونهم من العودة  من أجل استدامة الأوضاع على ماهي عليه الآن كما أن المعلمين لم يصرفون رواتبهم لمدة أربعة اشهر والعملية التعليمية تنهض على أربعة أركان هي الطالب والمعلم والمدرسة والكتاب وحالنا الان الأربعة غير متوفرة ولكن رغم ذلك نسعى لعقد امتحانات  الشهادة السودانية في الولايات الامنة كيلا يضيع العام الدراسي .

#وهل العام الدراسي لم يضيع بعد؟.

في العادة العام الدراسي يبدأ في أكتوبر وينتهي في مايو إذا استطعنا عقد امتحانات الشهادة السودانية في الفترة القادمة نستطيع إنقاذ العام الدراسي.

# كم عدد الطلاب المفترض جلوسهم لامتحان الشهادة وحرمتهم الحرب منها؟

&عددهم 250 الف طالب وطالبة بالسودان نحن لانعرف أماكن تواجدهم في الوقت الراهن حتى تنعقد الامتحانات طبعا في حال الفشل في عقد امتحانات الشهادة عدد كبير سيصبحون ضحايا لهذا الواقع.

# تعرضت منازل المواطنين للهدم من خلال القصف المدفعي وتعرضت للنهب هل بطرفكم إحصاءات وهل بالإمكان تعويض المواطنين؟.

&تحديد الأضرار لبيوت المواطنين لابد ان يخضع لتقديرات فنية لمعرفة حجم الضرر باعتبار التأثر يختلف من بيت لآخر  وفي ظل إمكانيات السودان المعروفة يعصب تعويض المواطنين ولانتوقع اسهاما من الدول الخارجية في إعادة الإعمار أو تعويض المواطنين  نحن الآن نعمل بجد لتوفير ضروريات الحياة قبل شهر من الآن ماكانت هناك اتصالات الان عادت شبكات الاتصالات وعادت المصارف لتعمل بالولاية والان تم افتتاح النيابات ومراكز الشرطة والمراكز الصحية ويوجد قضاة وقيد الإجراء خدمات الحركة التجارية وقريبا سيعود سوق ام درمان الان كل الولاية بها سوق وحيد هو سوق صابرين

من الصعب أن تعود الحياة قريبا إلى ماكانت عليه قبل بداية الحرب فالمطارات خربت والصرف الصحي لذلك نحن بصدد إطلاق نداء الخرطوم لإعمار الخرطوم وسنخاطب المجتمع الدولي.

# بعض المواطنين عادوا ولم يجدوا أثرا لبيوتهم اما نهبت من الملشيا أو نهبت بعد التحرير فماهي العصابات التي تنهب وماذا فعلت الحكومة للقضاء على ظاهرة مايعرف بالشفشفة؟؟.

& الأضرار التي حاقت بالمواطنين كبيره جدا المليشات في البدء كانت تدخل بيوتهم لنهب الذهب والمال وهذه يصعب إعادتها الذهب تم بيعه في الخليج ولن يعود والسيارات تم بيعها في بعض الدول لك أن تتخيل شركة واحدة مثل جياد نهبت منها 3 الف سيارة الان الشرطة خاطبت دول ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى ومالي والنيجر بأرقام ماكينات السيارات التي نهبت من المواطنين بعض الأثاث المنزلي كالاجهزة الكهربائية تم بيعها في الداخل في أسواق نحن نسميها أسواق الحرام لان البائع والمشتري يعلم أن البضاعة المعروضة منهوبة وهي أسواق تعرف شعبيا (أسواق دلقو) منسوبة لجد قائد الملشيات وجردت حكومة الولاية حملة كبيرة للقضاء على هذه الظاهرة فتم استلام على آلاف من الأجهزة الكهربائية والأثاث وهي موجودة الان ولكن كيف يتعرف المواطنين على ممتلكاتهم تلك معضلة كبيرة تحتاج لإجراءات وقانون استثنائي في إثبات الإنسان للمتلكاته وليس بالقانون الطبيعي الحالي طبعا هناك ممتلكات على المواطنين نسيانها مثل الملابس والاحزية التي نهبت .

# هناك قصور شديد من الحكومة في ردع بعض المنسوبين لقواتها النظامية ممن يتورطون في نهب ممتلكات من بيوت المواطنيين بعد سيطرة الجيش على الأحياء السكنية بأم درمان؟

& نحن في ظروف حرب والمليشيات عندما اقتحمت السجون وأطلقت المساجين كان من بين المطلق سراحهم نحو ثلاثة آلاف من المجرمين وعتاة النهابين وهؤلاء من يرتكبون الجرائم الان وبسبب الأوضاع الأمنية المعقدة تجد بعضهم يحمل السلاح وهو لاعلاقة له بالقوات النظامية لذلك شكل الجيش الان ثمانية محاكم عسكرية في ام درمان للقضاء على ظاهرة التعدي على ممتلكات المواطنيين أو النهب تحت تهديد السلاح.

# كيف سمحت الحكومة بقيام إسواق دقلو وهي تعلم أنها أسواق للمسروقات؟

& هي أسواق غير رسمية وحاولت الحكومة القضاء عليها ولكن وجدت مقاومة بالسلاح وجراء ذلك أصيب أفراد من الشرطة والجيش وقتل بعضهم في مواجهات مع العصابات وعندما تم التضييق عليهم أكثر انتقلت هذه الأسواق إلى الليل وطبعا من الصعب اقتحام هذه الأسواق ليلا والا حدثت خسائر كبيرة في ظروف مثل التي نعيشها الأولوية للقضاء على الملشيات.