سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر قد تعزز الانقسام في السودان

reuters_tickers تم نشر هذا المحتوى على 27 أكتوبر 2025 – 20:46 7دقائق من خالد عبد العزيز ونفيسة الطاهر (رويترز) – تخوض قوات الدعم السريع شبه العسكرية في السودان معارك ضارية للسيطرة على آخر جيوب المقاومة في مدينة الفاشر بدارفور والتي تعرضت لحصار وحشي على مدى 18 شهرا. ومن شأن السيطرة الكاملة على المدينة أن تكرس تقسيما جغرافيا فعليا للبلاد بين الفصائل العسكرية المتناحرة. وأثار تقدم قوات الدعم السريع مخاوف أيضا من أعمال انتقامية محتملة بحق نحو 250 ألف شخص لا يزالون في الفاشر، وهي المعقل الأخير للجيش السوداني بدارفور في الغرب، وسط تحذيرات من تصاعد القتال في مناطق أخرى من البلاد. وقال شهود ومصادر إنسانية وعسكرية إن مقاتلي الدعم السريع يحتجزون مدنيين فارين في بلدات وقرى مجاورة، منذ إعلان القوات سيطرتها على مقر الجيش في الفاشر يوم الأحد. وأشارت المنظمة الدولية للهجرة إلى أن المعارك أدت إلى نزوح نحو 26 ألف شخص. وأكد رئيس أركان الجيش عبد الفتاح البرهان في خطاب بثه التلفزيون أن قواته قررت الانسحاب من المدينة “نسبة لما تعرضت له من تدمير ممنهج وقتل ممنهج للمدنيين”. وقال مصدران عسكريان سودانيان يوم الاثنين إن آلاف الجنود من الجيش ومن جماعات متمردة سابقة متحالفة معه باتوا محاصرين في أحياء بغرب الفاشر بعد تراجعهم تحت ضغط هجوم قوات الدعم السريع. * خطر التقسيم دارفور هي معقل قوات الدعم السريع التي تشكلت فيها حكومة موازية، وتقول مصادر من قوات الدعم السريع شبه العسكرية إن المدينة يقيم بها حاليا كبار قادة هذه القوات ومنهم الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي. وقال مسعد بولس، كبير مستشاري البيت الأبيض للشؤون العربية والأفريقية، لقناة الجزيرة مباشر “إذا كانت هناك سيطرة كاملة على منطقة دارفور للدعم السريع هيدا ممكن يكون له تداعيات نوعا ما خطرة ومقلقة للمستقبل بما يتعلق بالتقسيم”. وقارن بولس هذا السيناريو بليبيا، حيث أدى تنافس حكومتين مرتبطتين بفصائل عسكرية متمركزة في الشرق والغرب إلى انقسام جغرافي فعلي. وقال محللون إن قوات الدعم السريع، التي تخوض حربا أهلية مع الجيش منذ أكثر من عامين ونصف العام، قد تستغل هذا الزخم لمحاولة استعادة السيطرة على مناطق أخرى في السودان. وإذا لم تسفر أحدث مساعى محادثات السلام بوساطة الولايات المتحدة عن تقدم في مسار تعثرت فيه محاولات سابقة، فإن ذلك قد يزيد من تفاقم صراع تسبب بالفعل في مجاعة وأثار موجات من العنف على أساس عرقي وأدى إلى تشريد ملايين الأشخاص. وتمكن الجيش من طرد الدعم السريع من العاصمة الخرطوم في وقت سابق من هذا العام، لكن مصدرا بالجيش وآخر من قوات الدعم السريع قالا إن القوات حشدت أسلحة متطورة بما في ذلك طائرات مسيرة بعيدة المدى، مما قد يسمح لها بمحاولة العودة. * احتمال تحقيق مزيد من التقدم قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إن توريد الأسلحة من الخارج وتزايد التدخل الخارجي في الحرب يُقوّضان فرص التوصل إلى حل سياسي. ويتهم الجيش السوداني دولة الإمارات بتقديم دعم عسكري لقوات الدعم السريع، وهو ما تنفيه الإمارات. وقال آلان بوزويل من مجموعة الأزمات الدولية “لم نلحظ أي مؤشر على أن قيادة قوات الدعم السريع تكتفي بغرب السودان فقط. وطالما أنهم يتلقون إمدادات كافية لمواصلة المجهود الحربي، فإنهم يبدون وكأنهم مستمرون في تصعيد هذه الحرب”. وحققت قوات الدعم السريع مكاسب ميدانية خلال مطلع الأسبوع في مدينة بارا الاستراتيجية التي تقع شمال كردفان، مما يجعلها على بُعد ساعات من الخرطوم. وفي مقطع فيديو نُشر أمس الأحد من داخل قاعدة الجيش في مدينة الفاشر، قال نائب قائد قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو “تحريرنا للفاشر تحرير السودان إلى بور سودان… نحن جايين، جايين جية تقيلة جدا”. ويمكن سماع أحد الجنود يهتف في المقطع “سودان جديد يتقدم سودان قديم يتحطم”، وهو شعار رئيسي تتبناه السلطة التي تقودها قوات الدعم السريع. وفي بيان صدر يوم الاثنين، أكدت قوات الدعم السريع أنها ستعمل على حماية المدنيين في الفاشر وأن الاستعدادات الإنسانية جارية. * اعتقال مدنيين أفاد مصدران عسكريان ومصدران من منظمات إنسانية أن قوات الدعم السريع تُوجه المدنيين الفارين، على ما يبدو، إلى البلدات المحيطة بالفاشر، في محاولة لإنشاء مخيمات للنازحين هناك. وقال شهود وصلوا إلى بلدة طويلة، الواقعة إلى الشرق من الفاشر وتسيطر عليها قوة محايدة، لرويترز إنهم أُرسلوا إلى بلدة قرني القريبة سيرا على الأقدام وإن مئات الأشخاص، بينهم نساء وأطفال، ما زالوا محتجزين لدى الدعم السريع هناك. وقالت دينيس براون، منسقة الأمم المتحدة المقيمة للشؤون الإنسانية في السودان، إن البالغين والأطفال الذين غادروا الفاشر عبر طرق غير آمنة “يعانون من الجفاف وسوء التغذية وبعضهم مصاب جسديا وجميعهم مصاب بصدمات نفسية”. وحذر ناشطون منذ فترة طويلة من هجمات انتقامية ضد المدنيين من قبل قبيلة الزغاوة بعد القتال العنيف للسيطرة على المدينة مثلما حدث سابقا في مخيم زمزم للنازحين إلى الجنوب. ونشر مسؤولو قوات الدعم السريع مقاطع فيديو يوم الأحد قالوا فيها إنهم يوفرون ممرا آمنا للمقاتلين السابقين على الرغم من أن مقاطع فيديو أخرى نشرها ناشطون ولم تتحقق منها رويترز أظهرت فيما يبدو عناصر من قوات الدعم السريع يطلقون النار على رجال عزل ويرددون الهتافات حول جثث القتلى. (إعداد بدور السعودي ومحمد عطية للنشرة العربية – تحرير أيمن سعد مسلم)