مزارعو الضفة الغربية يجمعون الزيتون وسط هجمات المستوطنين المعتادة بموسم الحصاد
وكالات
reuters_tickers تم نشر هذا المحتوى على 24 أكتوبر 2025 – 10:16 8دقائق من بيشا ماجد ترمسعيا (الضفة الغربية) (رويترز) – استيقظت عفاف أبو عليا في وقت مبكر من يوم 19 أكتوبر تشرين الأول للانضمام إلى أحفادها الذين يجمعون محصول الزيتون بالقرب من قرية ترمسعيا في الضفة الغربية، لكنها سمعت فجأة صوت امرأة تصرخ “مستوطنين. مستوطنين”. ومن بين الأشجار خرج ملثمون وضرب أحدهم عفاف البالغة من العمر 55 عاما على رأسها بهراوة، حسبما قالت السيدة وأكده مقطع فيديو تحققت منه رويترز يظهر الهجوم. وفي حين يحاول الوسطاء تعزيز وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة، يقول مسؤولون فلسطينيون ومسؤولون في الأمم المتحدة إن أعمال العنف المكثفة التي يشنها مستوطنون إسرائيليون وتستهدف موسم حصاد الزيتون الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة استمرت دون هوادة. وقالت عفاف لرويترز يوم الأربعاء بينما كانت عينها اليمنى مصابة بكدمات جراء الاعتداء “ارتميت عالأرض… وبعدين ما شفتش حاجة”. * رمز لارتباط الفلسطينيين بالأرض منذ بدء موسم الحصاد في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر تشرين الأول، وقع ما لا يقل عن 158 هجوما في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، وفقا لأرقام نشرتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة للسلطة الفلسطينية. وقال أجيث سونجاي مدير مكتب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إن هناك زيادة بنسبة 13 بالمئة في هجمات المستوطنين في الأسبوعين الأولين من موسم حصاد عام 2025 مقارنة بالفترة نفسها في 2024. ويقول ناشطون ومزارعون إن العنف اشتد منذ الهجمات التي قادتها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) والتي أشعلت فتيل الحرب في غزة قبل عامين. ويضيفون أن المستوطنين يستهدفون أشجار الزيتون لأن الفلسطينيين يعتبرونها رمزا لارتباطهم بأرضهم. ويقول الناشط الفلسطيني أدهم الربيعة إن شجرة الزيتون رمز للصمود الفلسطيني. وقال سونجاي إن المستوطنين أحرقوا هذا الموسم عددا من البساتين، وقطعوا أشجار زيتون بالمناشير، ودمروا منازل وبنية تحتية زراعية. وذكر في تحديث دوري حول موسم حصاد الزيتون يوم الثلاثاء “ارتفعت حدة ووتيرة عنف المستوطنين بشدة، مع موافقة ودعم، وفي كثير من الحالات مشاركة، قوات الأمن الإسرائيلية – ودائما مع الإفلات من العقاب”. وقال المجلس الإقليمي ماطيه بنيامين، الذي يحكم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية في منطقة ترمسعيا، إنه يدين “كل حالة عنف تحدث” في المنطقة. وأشار إلى أن المستوطنين كانوا يحملون أسلحة “مخصصة للدفاع عن النفس فقط”. * الأهمية الاقتصادية للزيتون لطالما كانت الضفة الغربية، التي يسكنها 2.7 مليون فلسطيني، محور خطط إقامة دولة فلسطينية في المستقبل تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل، إلا أن المستوطنات توسعت بسرعة مما أدى إلى تقسيم الأرض. ويعتبر الفلسطينيون ومعظم دول العالم المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي. وترفض إسرائيل هذا الرأي. ويعد الزيتون عصب قطاع الزراعة الفلسطيني. وتقول وزارة الزراعة التابعة للسلطة الفلسطينية إنه يسهم بنحو ثمانية بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر أكثر من 60 ألف وظيفة. وتقع قرية المغير، مسقط رأس عفاف، على بعد كيلومترات قليلة من ترمسعيا. وقال أحد أقاربها إنها أتت مع عائلتها إلى ترمسعيا لأن المستوطنين قطعوا أشجار بستانهم الذي يضم حوالي 500 شجرة زيتون بالقرب من المغير قبل بضعة أسابيع. وتحصل العائلة على حصة من المحصول في مقابل قطف الزيتون. وقال الجيش الإسرائيلي إنه قطع أكثر من ثلاثة آلاف شجرة في المنطقة “لتحسين الدفاعات”، لكن السكان المحليين قالوا إن العدد الحقيقي أكبر من ذلك. وأدى مزيج من الأوامر العسكرية وعنف المستوطنين إلى منع القرويين من الوصول إلى معظم محاصيلهم. وذكر مرزوق أبو نعيم، وهو عضو بالمجلس المحلي، أن المستوطنين والأوامر العسكرية أغلقت بشكل شبه كامل سبل الوصول إلى بساتين الزيتون. وأضاف أن الأثر الاقتصادي لذلك جعل بعض الشبان يؤجلون دراستهم الجامعية وباتت اللحوم ترفا للكثيرين. وسجلت وزارة الزراعة زيادة بنسبة 17 بالمئة في الخسائر المالية لمزارعي الضفة الغربية منذ بداية العام وحتى منتصف أكتوبر تشرين الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وقالت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إن أكثر من 15 ألف شجرة تعرضت للهجوم منذ أكتوبر تشرين الأول 2024. * الدور العسكري الإسرائيلي يعتقد العديد من الفلسطينيين ومنظمات حقوقية إسرائيلية أيضا أن الجيش الإسرائيلي يشجع المستوطنين على شن الهجمات. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق على هذا الأمر. ويعمل الناشط ربيع مع منظمة (حاخامات من أجل حقوق الإنسان) الإسرائيلية لجمع متطوعين لحماية المزارعين خلال موسم الحصاد. ومنعت وحدة عسكرية مراسل رويترز والمتطوعين في 15 أكتوبر تشرين الأول من الوصول إلى أحد الحقول. ويدير ناشطون ومزارعون فلسطينيون مجموعات على تطبيق واتساب لإرسال تحذيرات بشأن اقتراب المستوطنين. وقال ياسر علقم، وهو محام من ترمسعيا شهد الهجوم على عفاف، إن جنودا إسرائيليين تركوه وصديقا له بمفردهما مع المستوطنين قبل الهجوم. وقال الجيش الإسرائيلي إنه أرسل جنودا وأفرادا من الشرطة لتهدئة المواجهة، وإنه ليس على علم بوجود جنود وقت الهجوم. وذكر في بيان لرويترز بعد الواقعة “يعمل جيش الدفاع الإسرائيلي على ضمان استمرار موسم الحصاد كما ينبغي وبشكل آمن لكل السكان”. وبعد أيام قليلة من الهجوم، أحضرت العائلات والمتطوعون الدوليون قهوة وخبزا لمشاركتهما أثناء عودتهم إلى بساتين ترمسعيا لقطف الزيتون. (شارك في التغطية تمار أوريئيل بيري ويسري الجمل ومحمد تركمان – إعداد أميرة زهران ونهى زكريا للنشرة العربية – تحرير دعاء محمد)