“البرهان يطرح شروطه أمام واشنطن”

وافق رئيس القوات المسلحة السودانية على أن يكون جزءًا من المبادرة الدبلوماسية التي طرحتها الولايات المتحدة، لكن ليس بأي ثمن.وقد عرض توقعاته وشروطه على مسعد بولوس، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لشؤون إفريقيا.بعد اجتماعه في 15 أكتوبر مع حليفه المصري الرئيس عبد الفتاح السيسي في القاهرة، التقى الفريق أول عبد الفتاح البرهان بـ مسعد بولوس في العاصمة المصرية، بعيدًا عن الأضواء.يحمل هذا اللقاء أهمية استراتيجية، إذ يأتي بعد شهرين من الاتصال الأول بين الرجلين (AI، 3 سبتمبر 2025).وقد أقرّ الدبلوماسي الأمريكي بالجهود التي بذلتها بورتسودان لإنهاء علاقاتها الوثيقة مع إيران، وكذلك لحظر الحركة الإسلامية المقربة من جماعة الإخوان المسلمين والتي تُعرف بدعمها للحكومة الإيرانية (AI، 22 سبتمبر 2025).وهذه المرة، كان دور رئيس مجلس السيادة السوداني في تحديد الشروط التي يجب على إدارة ترامب الالتزام بها لكسر الجمود السياسي في البلاد.ففي المقام الأول، طالب البرهان واشنطن بتوجيه إنذارٍ نهائيٍ إلى أبوظبي لإجبار الإمارات العربية المتحدة على وقف دعمها العسكري والمالي لـ محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خصم قائد القوات المسلحة السودانية.إلا أن هذا النوع من الحوار يتجاوز صلاحيات بولوس، ويتطلب تدخّلًا مباشرًا من البيت الأبيض، رغم أن بورتسودان تواصل الضغط من أجل ذلك، وأكدت رفضها القاطع لأي مفاوضات مباشرة مع قوات الدعم السريع.وفد استثماري محتمل في قطاع التعدينتدهورت العلاقة بين حميدتي والمبعوث الأمريكي الخاص على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر سبتمبر.فعلى الرغم من الوعود التي قدمها زعيم المليشيا السودانية، فشل بولوس في تأمين مرور المساعدات الإنسانية إلى مدينة الفاشر المحاصَرة.في المقابل، بدا أن تواصله المتكرر مع قيادة الجيش السوداني بدأ يؤتي ثماره، إذ سمح مجلس السيادة للأمريكيين خلال الشهر الماضي بنشر بعض عناصر أجهزة استخباراتهم في مدينة بورتسودان.ويُتوقع أن ينتظر البرهان من واشنطن أكثر، في ظل إشارات أمريكية إلى إمكانية رفع بعض العقوبات.وكان بولوس قد طرح فكرة إرسال وفد من رجال الأعمال الأمريكيين – يضم شركات تعدين – إلى سواحل البحر الأحمر منذ أول لقاء جمعه بالبرهان في جنيف بتاريخ 11 أغسطس (AI، 15 أكتوبر 2025).لكن هذه المبادرة لا تزال متعثّرة، الأمر الذي أثار استياء مجلس السيادة.ويرى البرهان في الزيارة فرصة لتهدئة التململ داخل صفوف الجيش، خاصة بين الضباط المشككين في نوايا واشنطن، من خلال إبراز مكاسب اقتصادية محتملة.خلال اجتماع القاهرة، أبدى مدير جهاز المخابرات العامة السوداني الفريق أحمد إبراهيم مفضل نفاد صبره تجاه المحاورين الأمريكيين، مُصرًّا على معرفة تشكيلة الوفد وجدول زيارته المرتقبة إلى بورتسودان، لكن دون جدوى.وأشارت مصادر متعددة إلى أن السلطات الحاكمة ما زالت متوجسة من خطة السلام الأمريكية، إذ تخشى تكرار سيناريو رواندا والكونغو الديمقراطية، أي اتفاق هش لا يمنع استمرار القتال كما حدث في شرق الكونغو حتى الآن