العملات الأجنبية تواصل الصعود على حساب الجنيه و”المركزي” يفشل في وقف التدهور
وكالات
الخرطوم: مداميك تشهد أسعار العملات الأجنبية في السوق الموازي في السودان ارتفاعا متسارعا وغير مسبوق، بينما لم تتحرك حكومة الأمر الواقع بصورة جادة حسب خبراء لإيجاد معالجات لوقف نزيف الجنيه السوداني الذي فقد قيمته وتسبب في ارتفاع كافة أسعار السلع وموجة الغلاء المتصاعد وصار غالبية المواطنين عاجزين عن تأمين قوت يومهم.وكانت إجراءات اتخذتها الحكومة الشهر الماضي تضمنت منع استيراد أي سلع دون استيفاء الشروط المصرفية الرسمية عبر استمارة IM، مع حصر عمليات شراء وتصدير الذهب على بنك السودان المركزي فقط، وذلك للحد من المضاربات وضمان دخول عائدات نقد اجنبي إلى خزينة الدولة، لكن لم تظهر أي آثار بعد للقرارات على السوق.وقال محافظ بنك السودان المركزي برعي الصديق إن البنك تدخل سريعا لاحتواء التذبذب الأخير في سعر الصرف، والذي وصفه بأنه “مؤقت ومحدود” ونتج عن تحركات تراجع في أسعار السوق الموازية. وأضاف، في حوار مع موقع الجزيرة نت، أن ما حدث مؤخرا لم يكن نتيجة ضعف في إدارة الأزمة، بل بسبب ظروف استثنائية تمّت معالجتها بالفعل، موضحا أن الجنيه السوداني سيستعيد توازنه تدريجيا خلال الفترة المقبلة بفضل الإجراءات التي اتُّخذت.فيما قال احد تجار العملة لـ(مداميك) إن أسعار العملات تختلف من تاجر لآخر ومن ولاية لاخرى، ولا زال هناك طلب متزايد على شراء موارد نقد اجنبي مع شح المعروض في الأسواق، وأضاف ان سعر الدولار الواحد تجاوز 3700 جنيه، وارتفع الريال السعودي الى 986 والدرهم الاماراتي 1008، واليورو 4305 والجنيه الإسترليني الى 4945 والجنيه المصري 76 جنيها، بينما تعمل بعض شركات الصرافة بسعر 3460 جنيها للدولار، ويتلقى خلالها المواطنون تحويلاتهم الخارجية عبر خدمة ويسترن يونيون.بينما ظلت اسعار البنوك التجارية ثابتة حيث تراوح سعر الدولار بالبنوك بين 2500 الى 2600 والريال السعودي 648 والدرهم الاماراتي 666 واليورو 2740 والجنيه الإسترليني 3166، وهي نفس الأسعار التي تتعامل بها البنوك لاكثر من عام مع تغييرات طفيفة دون ان تنجح في استقطاب موارد نقد بسبب الفارق الشاسع بينها والسوق الموازي، والذي يتعدى 1600 جنيه في الدولار الواحد، وتختلف أسعار البنوك من بنك لآخر بنسبة ضئيلة لا تتجاوز 100 جنيه في الجنيه الواحد.وكشف تقرير حديث نشرته وكالة رويتر في سبتمبر الماضي، وصفت فيه السودان بأنه “اقتصاد في حالة انهيار”، أن الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين دمّرت البنية التحتية المالية، وأدت إلى توقف شبه كامل في الإنتاج الزراعي والصناعي. كما أشار تقرير CNN أن التضخم تجاوز 170%، وأن أكثر من 25 مليون شخص باتوا تحت خط الفقر، وسط انهيار في الخدمات العامة، وتوقف شبه كامل في الصادرات، وارتفاع غير مسبوق في معدلات الجوع.وقال ان السودان يواجه خطر “التلاشي النقدي الكامل”، حيث لم تعد العملة المحلية تؤدي أي وظيفة اقتصادية، وتحولت إلى أداة رمزية في ظل هيمنة السوق الموازي على التسعير، وتراجع الثقة في النظام المصرفي. وأضاف أن السودان فقد أكثر من 40% من ناتجه المحلي الإجمالي منذ بداية الحرب، وأن الدين العام تجاوز 200% من الناتج، وسط غياب أي خطة إنقاذ دولية.